الرئيسية - التفاسير


* تفسير الجواهر الحسان في تفسير القرآن/ الثعالبي (ت 875 هـ) مصنف و مدقق


{ مَا يَأْتِيهِمْ مِّن ذِكْرٍ مِّن رَّبِّهِمْ مُّحْدَثٍ إِلاَّ ٱسْتَمَعُوهُ وَهُمْ يَلْعَبُونَ } * { لاَهِيَةً قُلُوبُهُمْ وَأَسَرُّواْ ٱلنَّجْوَى ٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ هَلْ هَـٰذَآ إِلاَّ بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ أَفَتَأْتُونَ ٱلسِّحْرَ وَأَنتُمْ تُبْصِرُونَ } * { قَالَ رَبِّي يَعْلَمُ ٱلْقَوْلَ فِي ٱلسَّمَآءِ وَٱلأَرْضِ وَهُوَ ٱلسَّمِيعُ ٱلْعَلِيمُ } * { بَلْ قَالُوۤاْ أَضْغَاثُ أَحْلاَمٍ بَلِ ٱفْتَرَاهُ بَلْ هُوَ شَاعِرٌ فَلْيَأْتِنَا بِآيَةٍ كَمَآ أُرْسِلَ ٱلأَوَّلُونَ }

وقوله: { مَا يَأْتِيهِمْ مِّن ذِكْرٍ } وما بعده مختصٌ بالكُفَّارِ، والذكر: القرآن، ومعناه محدث نزوله، لا هو في نفسه.

وقوله: { وَهُمْ يَلْعَبُونَ } جملة في موضع الحال، أيْ: ٱستماعهم في حال لَعِبٍ؛ فهو غير نافع، ولا وَاصِلٍ إلى النفس.

وقوله { لاَهِيَةً } حال بعد حال، واختلف النحاةُ في إعراب قوله: { وَأسَرُّوا ٱلنَّجْوَى ٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ } فمذهبُ سيبويه (رحمه الله تعالى): أن الضمير في { أَسَرُّوا }: فاعل، وأن { ٱلَّذِينَ } بدل مِنْه، وقال: ليس في القرآن لغةُ مَنْ قال: أكلوُنِي البَرَاغِيثُ، ومعنى: { أسَرُّوا ٱلنَّجْوَى } تكلَّمُوا بينهم في السرِّ، ومُنَاجَاتِ بعضهم لبعض.

وقال أبو عبيدة: أسَرُّوا: أظْهرُوا، وهو مِنَ الأضدَادِ، ثم بيَّن تعالى الأمر الذي تَنَاجوا به، وهو قولُ بعضهم لبعض على جهة التَّوبِيخ بزعمهم: { أفَتَّأْتُونَ ٱلسِّحْرَ }؛ المعنى: أفَتَتَّبِعُون السحر وأنتم تبصرون، ثم أمر اللَّه تعالى نبيه صلى الله عليه وسلم، أن يقول لهم وللناس جميعاً: قُلْ { رَبيِّ يَعْلَمُ ٱلْقََوْلَ فِي ٱلسَّمَاءِ وَٱلأَرْضِ } أيْ: يعلم أقوالكم هذه، وهو بالمرصاد في المَجَازاةِ عليها، ثُمَّ عَدَّد سبحانه جَمِيعَ ما قَالتْهُ طوائِفُهم ووقع الاضرابُ بكُلِّ مقالة عن المتقدمة لها؛ ليبيّن اضطرابَ أمرهم فقال تعالى: { بَلْ قَالُوۤاْ أَضْغَاثُ أَحْلَـٰمٍ بَلِ ٱفْتَرَاهُ بَلْ هُوَ شَاعِرٌ } والأَضْغَاثُ: الأَخْلاطُ، ثم حكى سبحانه اقتراحهم، آيةً تضطرهم؛ كناقة صالح وغيرها، وقولهم: { كَمَآ أُرْسِلَ ٱلأَوَّلُونَ } دَالٌّ على معرفتهم بإتيان الرُّسُلِ الأَمَمَ المتقدمةَ.