الرئيسية - التفاسير


* تفسير الجواهر الحسان في تفسير القرآن/ الثعالبي (ت 875 هـ) مصنف و مدقق


{ لَوْ أَرَدْنَآ أَن نَّتَّخِذَ لَهْواً لاَّتَّخَذْنَاهُ مِن لَّدُنَّآ إِن كُنَّا فَاعِلِينَ } * { بَلْ نَقْذِفُ بِٱلْحَقِّ عَلَى ٱلْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ وَلَكُمُ ٱلْوَيْلُ مِمَّا تَصِفُونَ } * { وَلَهُ مَن فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ وَمَنْ عِنْدَهُ لاَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ وَلاَ يَسْتَحْسِرُونَ } * { يُسَبِّحُونَ ٱلَّيلَ وَٱلنَّهَارَ لاَ يَفْتُرُونَ }

وقوله سبحانه: { لَوْ أَرَدْنَآ أَن نَّتَّخِذَ لَهْواً } الآية: ظاهِرُ الآية: الرَّدُّ على مَنْ قال من الكُفَّارِ في أَمْرِ مريمَ - عليها السلام -، وما ضَارَعَهُ من الكُفْرِ تعالى اللّه عن قَوْلِ المُبْطِلِينَ و «إن» في قوله: { إِن كُنَّا فَاعِلِينَ } يُحْتَمَلُ أَنْ تكونَ شرطيةً، ويحتمل أَنْ تكونَ نافِيَةً بمعنى: ما كُنَّا فاعلين، وكُلُّ هذا قد قيل، و «الحَقَّ» عام في القرآن والرسالة والشَّرْعِ، وكُلِّ ما هو حَقًّ، { فَيَدْمَغُهُ } معناه: يُصِيبُ دِمَاغَهُ، وذلك مُهْلِكٌ في البَشَرِ؛ فكذلك الحَقُّ يُهْلِكُ الباطِلَ، و { ٱلْوَيْلُ }: الخِزْيُ.

وقيل: هو اسمُ وادٍ في جَهَنَّمَ، وَأَنه المُرَاد في هذه الآية، وهذه مُخَاطَبَةٌ لِلْكُفَّارِ الذينَ وَصَفُوا اللَّه عز وجل بما لا يجوزُ عليه تعالى اللَّه عن قولهم.

وقوله { وَمَنْ عِندَهُ... } الآية: عند هنا ليست في المسافات وإنما هي تشريفٌ في المنزلة، { وَلاَ يَسْتَحْسِرُونَ } أي لا يكلون، والحسير من الإبل: المعِييُ.

وقوله: { لاَ يَفْتُرُونَ } وفي «الترمذي» عن أبي ذَرِّ قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: " إنِّي أَرَىٰ مَالاَ تَرَوْنَ، وَأَسْمَعُ مَا لاَ تَسْمَعُونَ، أَطَّتِ السَّمَاءُ وَحُقَّ لَهَا أَنْ تَئِطَّ؛ مَا فِيهَا مَوْضِعُ أَرْبَعِ أَصَابِعَ إلاَّ وَمَلُكٌ واضِعٌ جَبْهَتَهُ سَاجِداً للَّهِ " الحديث قال أبو عيسى: هذا حديث صحيح، وفي الباب عن عَائِشَةَ، وابنِ عَبَّاسٍ، وأَنَسٍ، انتهى من أصل الترمذي، أعني: جَامِعِهِ.