وقوله عز وجل: { وَلَقَدْ عَهِدْنَا إِلَىٰ ءَادَمَ مِن قَبْلُ فَنَسِيَ... } الآية، العهدُ هنا بمعنى الوصِيّة، والشيءُ الّذي عهد إلى آدم عليه السلام هو أَلاَّ يقرَبَ الشجرة. * ت *: قال عِياضٌ: وأما قوله تعالى:{ وعَصَىٰ آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَىٰ } [طه:121] أي: جهل، فإنّ الله تعالى أخبر بعذره بقوله: { ولَقَدْ عَهدْنَا إلَىٰ آدَمَ مِنْ قَبْلُ فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْماً } قيل: نسي، ولم ينو المخالفة؛ فلذلك قال تعالى: { وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْماً } ، أيْ: قصداً للمخالفة. * ت *: وقيل: غير هذا مما لا أرى ذكره هنا، ولِلَّه دَرُّ ٱبْنِ العَربيّ حيثُ قال: يجبُ تنْزِيه الأنْبياء عليهم الصلاة والسلام عما نَسَبَ إليهم الجهالُ. ولكن البَارِي سبحانه بحُكْمه النافذ، وقَضَائِه السابق أسلم آدم إلى الأكل من الشجرة متعمِّداً للأكل، ناسِياً للعهد، فقال في تعمده: { وَعَصَى آدَمَ } وقال في بيان عُذْرهُ: { ولَقَدْ عَهِدْنَا إلَىٰ آدَمَ مِنْ قَبْلُ فَنَسِيَ } فَمُتَعَلِّق العهد غيرُ متعلِّق النسيان، وجاز للمولى أن يقول في عبده لحقه: عَصَىٰ تَثْرِيباً، ويعودُ عليه بفضله فيقول: نَسِيَ تقريباً، ولا يجوز لأحد مِنّا أن يطلق ذلك على آدمَ، أو يذكره إلاَّ في تلاَوة القرآن أو قول النبيّ صلى الله عليه وسلم. انتهى. من «الأحكام».