الرئيسية - التفاسير


* تفسير الجواهر الحسان في تفسير القرآن/ الثعالبي (ت 875 هـ) مصنف و مدقق


{ وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ ٱلدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُواْ لِي وَلْيُؤْمِنُواْ بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ }

وقوله جلَّ وعلا: { وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ ٱلدَّاعِ إِذَا دَعَانِ... } الآيةَ.

قال الحسنُ بْنُ أبي الحَسَن: سببُها أن قوماً قالوا للنبيِّ صلى الله عليه وسلم: «أَقَرِيبٌ رَبُّنَا فَنُنَاجِيَهُ، أَمْ بَعِيدٌ فَنُنَادِيَهُ»، فنزلتِ الآية.

و { أُجِيبُ }: قال قومٌ: المعنى: أجيبُ إِن شئْتُ، وقال قوم: إِن اللَّه تعالَىٰ يجيب كلَّ الدعاء، فإِما أن تظهر الإِجابةُ في الدنيا، وإما أن يكفِّر عنه، وإِما أن يُدَّخَرَ له أجرٌ في الآخرة، وهذا بحَسَب حديثِ «الموطَّإِ»، وهو: " مَا مِنْ دَاعٍ يَدْعُو إِلاَّ كَانَ بَيْنَ إِحْدَىٰ ثَلاَثٍ... " الحديثَ.

* ت *: وليس هذا بٱختلافِ قولٍ.

قال ابن رُشْدٍ في «البيان»: الدعاءُ عبادةٌ من العبادات يؤْجر فيها الأجر العظيم، أَجيبَتْ دعوته فيما دعا به، أو لم تُجَبْ، وهأنا أنقل، إِن شاء اللَّه، من صحيح الأحاديث في هذا المَحَلِّ ما يَثْلَجُ له الصَدْرُ، وعن أنسٍ ـــ رضي اللَّه عنه ـــ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " لاَ تَعْجِزُوا عَنِ الدُّعَاءِ؛ فَإِنَّهُ لَنْ يَهْلِكَ مَعَ الدُّعَاءِ أَحَدٌ " رواه الحاكم أبو عبد اللَّه في «المُسْتَدْرَكِ» على الصحيحين، وابن حِبَّانَ في «صحيحه»، واللفظ له، وقال الحاكم: صحيحُ الإِسناد، وعن أبي هريرة - رضي اللَّه عنه - قال: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " الدُّعَاءُ: سِلاَحُ المُؤْمِنِ، وَعِمَادُ الدِّينِ، وَنُورُ السَّمَوَاتِ والأَرْضِ " رواه الحاكم في «المستدرك»، وقال: صحيحٌ، وعن جابرِ بن عبدِ اللَّهِ - رضي اللَّه عنهما - عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: " يَدْعُو اللَّهُ بِالمُؤْمِنِ يَوْمَ القِيَامَةِ حَتَّىٰ يُوقَفَ بَيْنَ يَدَيْهِ، فَيَقُولُ: عَبْدِي، إِنِّي أَمَرْتُكَ؛ أَنْ تَدْعُونِي، وَوَعَدْتُّكَ أَنْ أَسْتَجِيبَ لَكَ، فَهَلْ كُنْتَ تَدْعُونِي، فَيَقُولُ: نَعَمْ، يَا رَبِّ، فَيَقُولُ: أَمَا إِنَّكَ لَمْ تَدْعُنِي بِدَعْوَةٍ إِلاَّ ٱسْتَجَبْتُ لَكَ، أَلَيْسَ دَعَوْتَنِي يَوْمَ كَذَا وَكَذَا لِغَمٍّ نَزَلَ بِكَ؛ أَنْ أُفَرِّجَ عَنْكَ فَفَرَّجْتُ عَنْكَ؟! فَيَقُولُ: نَعَمْ، يَا رَبِّ، فَيَقُولُ: فَإِنِّي عَجَّلْتُهَا لَكَ فِي الدُّنْيَا، وَدَعَوْتَنِي يَوْمَ كَذَا وَكَذَا لِغَمٍّ نَزَلَ بِكَ، أنْ أُفَرِّجَ عَنْكَ، فَلَمْ تَرَ فَرَجاً؟ قَالَ: نَعَمْ، يَا رَبِّ، فَيَقُولُ: إِنِّي ٱدَّخَرْتُ لَكَ بِهَا فِي الجَنَّةِ كَذَا وَكَذَا [و] كَذَا وَكَذَا، وَدَعَوْتَنِي فِي حَاجَةٍ أَقْضِيهَا لَكَ فِي يَوْمِ كَذَا وَكَذَا، فَقَضَيْتُهَا، فَيَقُولُ: نَعَمْ، يَا رَبِّ، فَيَقُولُ: فَإِنِّي عَجَّلْتُهَا لَكَ فِي الدُّنْيَا، وَدَعَوْتَنِي فِي يَوْمِ كَذَا وَكَذَا فِي حَاجَةٍ أَقْضِيهَا لَكَ، فَلَمْ تَرَ قَضَاءَهَا، فَيَقُولُ: نَعَمْ، يَا رَبِّ، فَيَقُولُ: إِنِّي ٱدَّخَرْتُ لَكَ فِي الجَنَّةِ كَذَا وَكَذَا " قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " فَلاَ يَدَعُ اللَّهُ دَعْوَةً دَعَا بِهَا عَبْدُهُ المُؤْمِنُ إِلاَّ بَيَّنَ لَهُ إِمَّا أَنْ يَكُونَ عَجَّلَ لَهُ فِي الدُّنْيَا، وإِمَّا أَنْ يَكُونَ ٱدَّخَرَ لَهُ فِي الآخِرَةِ، قَالَ: فَيَقُولُ المُؤْمِنُ فِي ذَلِكَ المَقَامِ: يَا لَيْتَهُ لَمْ يَكُنْ عُجِّلَ لَهُ شَيْءٌ مِنْ دُعَائِهِ "

السابقالتالي
2 3