قوله سبحانه: { إِنَّا نَحْنُ نَرِثُ ٱلأَرْضَ... } الآية، عبارةٌ عن بقائهِ - جل وعلا - بعد فناء مَخْلُوقاتِه، لا إله غَيْرَه. وقوله: - عزَّ وجل -: { وَٱذْكُرْ فِي ٱلْكِتَـٰبِ إِبْرٰهِيمَ إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقاً نَّبِيّاً.... } الآية، قوله: { وَٱذْكُرْ } بمعنى ٱتْلُ وشهر؛ لأَن اللّه تعالى هو الذاكِرُ؛ و { ٱلْكِتَـٰبِ }: هو القرآن، والصديق: بناءُ مبالغَةٍ فكان إبراهيمُ عليه السلام [يُوصَفُ] بالصِّدْقِ في أَفْعَالِهِ وأَقْوالِهِ. وقوله: { يَٰأَبَتِ إِنِّي أَخَافُ أَن يَمَسَّكَ عَذَابٌ مِّنَ ٱلرَّحْمَـٰنِ... } الآية، قال الطّبرِيُّ: «أخاف» بمعنى أعلمُ. قال * ع *: والظَّاهِرُ عندي أَنه خوفٌ على بابه؛ وذلك أَن إبراهيم عليه السلام في وقْتِ هذه المقالة لم يَكُن آيِساً من إيمان أَبِيه. * ت *: ونحو هذا عبارة المهدوي، قال: قيل: «أَخافُ» معناه: أَعْلَمُ، أيْ: إِنِّي أَعْلَمُ إن متَّ عَلَى ما أَنْتَ عليه. ويجوزُ أَن يكون «أَخَافُ» على بابهِ، ويكونَ المعنى: إِنِّي أَخاف أَن تمُوتَ عَلَىٰ كُفْرك؛ فيمسَّكَ العذابُ. انتهى. وقوله: { لأَرْجُمَنَّك } قال الضَّحَّاكُ، وغيرُه: معناه بالقوْلِ، أَي: لأَشْتمنَّك. وقال الحسَنُ: معناه: لأَرْجمنَّك بالحجارة. وقالتْ فرقةٌ: معناه لأَقْتُلَنَّكَ، وهذان القولان بمعنًى واحدٍ. وقوله: { وَٱهْجُرْنِي } على هذا التَّأْوِيل إنما يترتب بأَنه أَمْرٌ على حياله؛ كأَنه قال: إن لم تَنْتَهِ قتْلتُك بالرَّجم، ثم قال له: وٱهجرني، أيْ: مع ٱنْتهائِكَ، و { مَلِيّاً } معناه: دهراً طوِيلاً مأَخوذٌ من المَلَويْنِ؛ وهما اللَّيْلُ والنَّهارُ؛ هذا قول الجمهور.