الرئيسية - التفاسير


* تفسير الجواهر الحسان في تفسير القرآن/ الثعالبي (ت 875 هـ) مصنف و مدقق


{ وَأُحِيطَ بِثَمَرِهِ فَأَصْبَحَ يُقَلِّبُ كَفَّيْهِ عَلَى مَآ أَنْفَقَ فِيهَا وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَىٰ عُرُوشِهَا وَيَقُولُ يٰلَيْتَنِي لَمْ أُشْرِكْ بِرَبِّي أَحَداً } * { وَلَمْ تَكُن لَّهُ فِئَةٌ يَنصُرُونَهُ مِن دُونِ ٱللَّهِ وَمَا كَانَ مُنْتَصِراً } * { هُنَالِكَ ٱلْوَلاَيَةُ لِلَّهِ ٱلْحَقِّ هُوَ خَيْرٌ ثَوَاباً وَخَيْرٌ عُقْباً }

وقوله سبحانه: { وَأُحِيطَ بِثَمَرِهِ... } الآية: هذا خبر من اللَّه عزَّ وجل عن إِحاطة العذابِ بحالِ هذا المُمَثَّل به، و { يُقَلِّبُ كَفَّيْهِ }: يريد يضَعُ بطْن إِحداهما على ظهر الأخرى، وذلك فعل المتلهِّف المتأسِّف.

وقوله: { خَاوِيَةٌ عَلَىٰ عُرُوشِهَا } يريد أن السقوف وَقَعَتْ، وهي العروش، ثم تهدَّمت الحيطانُ عليها؛ فهي خاوية والحيطان على العُرُوشِ.

* ت *: فسرَّ * ع * رحمه اللَّه لفظ { خَاوِيَة } في «سورة الحَجِّ والنَّمْل» بـــ«خالية»، والأحسن أن تفسَّر هنا وفي الحجِّ بـــ«ساقطة»، وأما التي في «النْمل»، فيتَّجه أن تفسَّر بـــ«خالية» وبــ «ساقطة» قال الزبيدِيُّ في «مختصر العَيْن» خَوَتِ الدَّارُ: باد أهلها، وخَوتْ: تهدَّمت انتهى، وقال الْجَوْهَرِيُّ في كتابه المسمَّى بـــ «تاج اللُّغِة وصِحَاحِ العَرَبِيَّةِ»: خَوَتِ النجومُ خَيًّا: أمحَلَتْ، وذلك إِذا سقطَتْ ولم تُمْطِرْ في نَوْئِهَا، وأَخْوَتْ مثله، وخَوَتِ الدارُ خُوَاءً ممدوداً: أقْوَتْ وكذلك إِذا سقطَتْ، ومنه قوله تعالى:فَتِلْكَ بُيُوتُهُمْ خَاوِيَةً بِمَا ظَلَمُواْ } [النمل:52] أي: خاليةً، ويقال: ساقطة؛ كما قال:فَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَىٰ عُرُوشِهَا } [الحج:45] أي ساقطة على سقوفها. انتهى وهو تفسيرٌ بارعٌ، وبه أقولُ، وقد تقدَّم إِيضاحُ هذا المعنى في «سورة البقرة».

وقوله: { يَٰلَيْتَنِي لَمْ أُشْرِكْ بِرَبِّي أَحَدًا } قال بعض المفسِّرين: هي حكايةٌ عن مقالة هذا الكافِرِ في الآخرة، ويحتملُ أن يكون قالها في الدنيا على جهة التوبة بعد حلولِ المُصيبة، ويكون فيها زَجْرٌ لكَفَرة قريشٍ وغيرهم، «والفئة»: الجماعة التي يُلْجأُ إِلى نَصْرها.

وقوله سبحانه: { هُنَالِكَ } يحتمل أنْ تكون ظرفاً لقوله: { مُنتَصِراً } ويحتمل أنْ يكون { ٱلْوَلَـٰيَةُ } مبتدأ، و { هُنَالِكَ }: خبره، وقرأ حمزة والكسائيُّ: «الوِلاَيَةُ - بكسر الواو -، وهي بمعنى الرِّيَاسَة ونحوه، وقرأ الباقون: «الوَلاَيَة» - بفتح الواو - وهي بمعنى المُوَالاَة والصِّلة ونحوه، وقرأ أبو عمرو والكَسائيُّ: «الْحَقُّ» بالرفع؛ على النعت لـــ«الولايةُ» وقرأ الباقون بالخفضِ على النعْتِ لـــ { لِلَّهِ } عزَّ وجلَّ، وقرأ الجمهور: «عُقُباً» - بضم العين والقاف - وقرأ حمزة وعاصم - بسكون القاف - والعُقُب والعُقْب: بمعنى العاقبة.