الرئيسية - التفاسير


* تفسير الجواهر الحسان في تفسير القرآن/ الثعالبي (ت 875 هـ) مصنف و مدقق


{ رَّبُّكُمُ ٱلَّذِي يُزْجِي لَكُمُ ٱلْفُلْكَ فِي ٱلْبَحْرِ لِتَبْتَغُواْ مِن فَضْلِهِ إِنَّهُ كَانَ بِكُمْ رَحِيماً } * { وَإِذَا مَسَّكُمُ ٱلْضُّرُّ فِي ٱلْبَحْرِ ضَلَّ مَن تَدْعُونَ إِلاَّ إِيَّاهُ فَلَمَّا نَجَّاكُمْ إِلَى ٱلْبَرِّ أَعْرَضْتُمْ وَكَانَ ٱلإِنْسَانُ كَفُوراً } * { أَفَأَمِنْتُمْ أَن يَخْسِفَ بِكُمْ جَانِبَ ٱلْبَرِّ أَوْ يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حَاصِباً ثُمَّ لاَ تَجِدُواْ لَكُمْ وَكِيلاً } * { أَمْ أَمِنْتُمْ أَن يُعِيدَكُمْ فِيهِ تَارَةً أُخْرَىٰ فَيُرْسِلَ عَلَيْكُمْ قَاصِفاً مِّنَ ٱلرِّيحِ فَيُغْرِقَكُم بِمَا كَفَرْتُمْ ثُمَّ لاَ تَجِدُواْ لَكُمْ عَلَيْنَا بِهِ تَبِيعاً }

وقوله سبحانه: { رَّبُّكُمُ ٱلَّذِي يُزْجِى لَكُمُ ٱلْفُلْكَ فِي ٱلْبَحْرِ }: إِزجاء الفُلْك: سَوْقه بالريحِ الليِّنة والمجاذيفِ، و { لِتَبْتَغُواْ مِن فَضْلِهِ } لفظ يعمُّ التَّجْر وغيره، وهذه الآية المباركَةُ توقيفٌ على آلاء اللَّه وفَضْلِهِ ورحمته بعباده، و { ٱلضُّرُّ } ، هنا لفظ يعمُّ الغرق وغيره، وأهوال حالات البحر وٱضطرابه وتموجه، و { ضَلَّ } معناه تلف وفُقِدَ.

وقوله: { أَعْرَضْتُمْ } ، أي: فلم تفكِّروا في جميل صنع اللَّه بكم.

وقوله: { كَفُورًا } أي: بالنعم و { ٱلإِنسَـٰنُ }؛ هنا: الجنس، «والحاصب»: العارض الرامي بالبَرَدِ والحجارةِ؛ ومنه الحاصب الذي أصَابَ قوْمَ لوطٍ، «والحَصْبُ» الرمْيُ بالحَصْبَاء، «والقاصف»: الذي يَكْسِر كلَّ ما يَلْقى ويقْصِفُه، «وتارةً» معناه: مرَّة أخرى، «والتبيع» الذي يطلب ثأْراً أو دَيْناً؛ ومنْ هذه اللفظة قوله صلى الله عليه وسلم: " إِذَا أُتْبِعَ أَحَدُكُمْ على مَلِيٍّ فَلْيُتْبِعْ " فالمعنى: لا تجدون مَنْ يَتَتَبَّع فعلنا بكم، ويطلب نُصْرَتكم وهذه الآيات أنوارُهَا واضحةٌ للمهتدين.