وقوله سبحانه: { وَقُل لِّعِبَادِي يَقُولُواْ ٱلَّتِي هِيَ أَحْسَنُ } اختلف الناس في { ٱلَّتِي هِيَ أَحْسَنُ }: فقالت فرقةٌ: هي لا إِلٰه إِلا اللَّه؛ وعلى هذا، فــ «العباد»: جميعُ الخلق، وقال الجمهور { ٱلَّتِي هِيَ أَحْسَنُ }: هي المحاورة الحَسَنة، بحسب معنى معنى، قال الحسن يقول: يَغْفِرُ اللَّه لك، يَرْحَمُكَ اللَّه وقوله: { لِّعِبَادِيَ } خاصُّ بالمؤمنين، قالت فرقة: أمر اللَّه المؤمنين فيما بينهم بُحْسن الأدب، وخَفْضِ الجناحِ، وإلانة القَوْلَ، واطِّراحِ نَزَعاتِ الشيطان، ومعنى النَّزْغُ: حركاتُ الشيطانِ بُسْرعة؛ ليوجب فساداً، وعداوةُ الشيطان البيِّنة: هي من قصة آدم عليه السلام، فما بعد، وقالَتْ فرقة: إِنما أمر اللَّه في هذه الآية المؤمنين بإِلانة القوْلِ للمشركين بمكَّة أيام المُهَادنة، ثم نُسِخَتْ بآية السيف. وقوله سبحانه: { رَّبُّكُمْ أَعْلَمُ بِكُمْ }: يقوِّي هذا التأويل؛ إِذ هو مخاطبةٌ لكفَّار مكَّة؛ بدليل قوله: { وَمَا أَرْسَلْنَـٰكَ عَلَيْهِمْ وَكِيلاً } فكأن اللَّه عزَّ وجل أمر المؤمنين ألاَّ يخاشنوا الكُفَّار في الدين، ثم قال للكفَّار إِنه أعلم بهم ورجَّاهم وخوفهم، ومعنى { يَرْحَمْكُمْ } بالتوبة عليكم من الكُفْر؛ قاله ابن جُرَيْج وغيره. وقوله سبحانه: { وَآتَيْنَا دَاوُودَ زَبُوراً } قرأ الجمهور: «زَبُوراً» بفتح الزاي، وهو فَعُولٌ بمعنى مَفْعُولٍ، وهو قليلٌ؛ لم يَجِىءْ إلا في قَدُوعِ وَرَكُوبٍ وَحَلُوب، وقرأ حمزة: بَضَمِّ الزاي قال قتادة: زبور دَاوُدَ مَواعظُ ودعاءٌ، وليس فيه حلالٌ ولا حرامٌ.