الرئيسية - التفاسير


* تفسير الجواهر الحسان في تفسير القرآن/ الثعالبي (ت 875 هـ) مصنف و مدقق


{ وَيَوْمَ نَبْعَثُ فِي كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيداً عَلَيْهِمْ مِّنْ أَنْفُسِهِمْ وَجِئْنَا بِكَ شَهِيداً عَلَىٰ هَـٰؤُلآءِ وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ ٱلْكِتَابَ تِبْيَاناً لِّكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَىٰ لِلْمُسْلِمِينَ } * { إِنَّ ٱللَّهَ يَأْمُرُ بِٱلْعَدْلِ وَٱلإحْسَانِ وَإِيتَآءِ ذِي ٱلْقُرْبَىٰ وَيَنْهَىٰ عَنِ ٱلْفَحْشَاءِ وَٱلْمُنْكَرِ وَٱلْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ } * { وَأَوْفُواْ بِعَهْدِ ٱللَّهِ إِذَا عَاهَدتُّمْ وَلاَ تَنقُضُواْ ٱلأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا وَقَدْ جَعَلْتُمُ ٱللَّهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلاً إِنَّ ٱللَّهَ يَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ }

وقوله سبحانه: { وَيَوْمَ نَبْعَثُ فِي كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيدًا } يعني: رسولَها، ويجوز أن يبعَثَ اللَّه شهوداً من الصَّالحين مع الرسُلِ، وقد قال بعضُ الصحابة: إِذا رأَيْت أحداً على معصية، فٱنهه، فإن أطاعك، وإِلاَّ كُنْتَ شاهداً عليه يَوْمَ القيامة.

وقوله سبحانه: { وَجِئْنَا بِكَ شَهِيدًا عَلَىٰ هَـؤُلآءِ } الإشارة بـــ«هؤلاء» إلى هذه الأمَّة.

وقوله عزَّ وجلَّ: { إِنَّ ٱللَّهَ يَأْمُرُ بِٱلْعَدْلِ وَٱلإِحْسَانِ... } الآية: قال ابن مسعود رضي الله عنه: أجمعُ آية في كتاب اللَّهِ هذه الآية، ورُوِيَ عن عثمانَ بْنِ مظعون رضي الله عنه، أنه قال: لما نزلَتْ هذه الآيةُ، قرأْتُها على أَبي طَالب، فَعجَبَ، وقالَ: يَا آلَ غَالِبٍ، اتَّبِعُوهُ تُفْلِحُوا فواللَّهِ، إِنَّ اللَّهَ أَرْسَلَهُ ليأَمرَ بِمَكَارِمِ الأَخْلاَقِ.

قال * ع *: و { العَدْلِ } فعلُ كلِّ مفروضٍ، و { ٱلإِحْسَـٰنِ } فعلُ كلِّ مندوب إِليه، { وَإِيتَآئِ ذِي ٱلْقُرْبَىٰ }: لفظُ يقتضي صلة الرحِمِ، ويعم جميع إِسداء الخَيْرِ إِلى القرابة، و { ٱلْفَحْشَاءِ } الزنا؛ قاله ابن عبَّاس ويتناولَ اللفْظُ سائر المعاصِي التي شِنْعَتُهَا ظاهرة، { وَٱلْمُنكَرِ } أعمُّ منه؛ لأنه يعمُّ جميع المعاصى والرذائلِ، والإذاءات على اختلاف أنواعها، { ٱلْبَغْيِ } هو إنشاء ظُلْم الإِنسان، والسعاية فيه، «وكُفيلاً» معناه: متكفِّلاً بوفائكم، وباقي الآية بيِّن.