الرئيسية - التفاسير


* تفسير الجواهر الحسان في تفسير القرآن/ الثعالبي (ت 875 هـ) مصنف و مدقق


{ وَيَوْمَ نَبْعَثُ مِن كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيداً ثُمَّ لاَ يُؤْذَنُ لِلَّذِينَ كَفَرُواْ وَلاَ هُمْ يُسْتَعْتَبُونَ } * { وَإِذَا رَأى ٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ ٱلْعَذَابَ فَلاَ يُخَفَّفُ عَنْهُمْ وَلاَ هُمْ يُنظَرُونَ } * { وَإِذَا رَأى ٱلَّذِينَ أَشْرَكُواْ شُرَكَآءَهُمْ قَالُواْ رَبَّنَا هَـٰؤُلآءِ شُرَكَآؤُنَا ٱلَّذِينَ كُنَّا نَدْعُوْا مِن دُونِكَ فَألْقَوْا إِلَيْهِمُ ٱلْقَوْلَ إِنَّكُمْ لَكَاذِبُونَ } * { وَأَلْقَوْاْ إِلَىٰ ٱللَّهِ يَوْمَئِذٍ ٱلسَّلَمَ وَضَلَّ عَنْهُم مَّا كَانُواْ يَفْتَرُونَ } * { ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ وَصَدُّواْ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ زِدْنَاهُمْ عَذَاباً فَوْقَ ٱلْعَذَابِ بِمَا كَانُواْ يُفْسِدُونَ }

وقوله سبحانه: { وَيَوْمَ نَبْعَثُ مِن كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيدًا } أي: شاهداً على كُفْرهم وإيمانهم، { ثُمَّ لاَ يُؤْذَنُ } ، أي: لا يُؤْذِن لهم في المعذرة، وهذا في موطن دون موطِن، و { يُسْتَعْتَبُونَ } بمعنى: يُعْتِبُونَ؛ تقول: أَعْتَبْتُ الرَّجُلَ، إِذَا كَفَيْتَهُ ما عُتِبَ فيه؛ كما تقول: أشْكَيْتُهُ؛ إِذا كَفَيْتَهُ ما شكا.

وقال قومٌ: معناه: لا يُسْألونَ أنْ يرجعوا عمَّا كانوا عَلْيه في الدنيا.

وقال الطبريُّ: معنى { يُسْتَعْتَبُونَ } يُعْطَوْن الرجوعَ إلى الدنيا فتقع منهم توبةٌ وعمَلٌ.

* ت *: وهذا هو الراجحُ، وهو الذي تدلُّ عليه الأحاديثُ، وظواهر الآياتِ في غيرِ ما موضع.

وقوله سبحانه: { وَإِذَا رَءَا ٱلَّذِينَ أَشْرَكُواْ شُرَكَآءَهُمْ } أي: إِذا رأَوْهم بأبصارِهِمْ { قَالُواْ رَبَّنَا هَـؤُلآءِ شُرَكَآؤُنَا... } الآية، كأنهم أرادوا بهذه المقالة تذنيبَ المَعْبُودين، وقوله سبحانه: { فَألْقَوْاْ إِلَيْهِمُ ٱلْقَوْلَ... } الآية: الضميرُ في { أَلْقَوْاْ } للمعبودينَ؛ أنطقهم اللَّه بتكذيب المُشْركين، وقد قال سبحانه في آية أخرى:فَزَيَّلْنَا بَيْنَهُمْ وَقَالَ شُرَكَاؤُهُم مَّا كُنتُمْ إِيَّانَا تَعْبُدُونَ } [يونس:28] انظر تفسيرها في سورة يونس وغيرها.

وقوله: { وَأَلْقَوْاْ إِلَىٰ ٱللَّهِ يَوْمَئِذٍ ٱلسَّلَمَ } الضمير في { أَلْقَوْاْ } هنا عائدٌ على «المشركين»، و { ٱلسَّلَمَ } الاستسلام.

وقوله تعالى: { زِدْنَـٰهُمْ عَذَابًا فَوْقَ ٱلْعَذَابِ... } الآية: رُوِيَ في ذلك عن ابن مسعود، أنَّ اللَّه سبحانَهُ يسلِّط عليهم عَقَارِبَ وحَيَّاتٍ، لها أنيابٌ، كالنَّخْلِ الطِّوال، وقال عَبْيدُ بنُ عُمَيْرٍ: حَيَّات لها أنيابٌ كالنخْلِ ونحو هذا، وروي عن عبد الله بن عمرو بن العاص: أن لجهنَّمَ سواحِلَ، فيها هذه الحياتُ وهذه العقاربُ، فيفر الكافرون إلى السَّواحلِ، فتلقاهم هذه الحيَّاتُ والعقاربُ فيفرُّونَ منها إِلى النار، فتَتْبَعهم حَتَّى تجد حَرَّ النار، فتَرْجِع. قال: وهي في أسْرَابٍ.