الرئيسية - التفاسير


* تفسير الجواهر الحسان في تفسير القرآن/ الثعالبي (ت 875 هـ) مصنف و مدقق


{ لِلَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِٱلآخِرَةِ مَثَلُ ٱلسَّوْءِ وَلِلَّهِ ٱلْمَثَلُ ٱلأَعْلَىٰ وَهُوَ ٱلْعَزِيزُ ٱلْحَكِيمُ } * { وَلَوْ يُؤَاخِذُ ٱللَّهُ ٱلنَّاسَ بِظُلْمِهِمْ مَّا تَرَكَ عَلَيْهَا مِن دَآبَّةٍ وَلٰكِن يُؤَخِّرُهُمْ إلَىٰ أَجَلٍ مُّسَمًّىٰ فَإِذَا جَآءَ أَجَلُهُمْ لاَ يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلاَ يَسْتَقْدِمُونَ } * { وَيَجْعَلُونَ لِلَّهِ مَا يَكْرَهُونَ وَتَصِفُ أَلْسِنَتُهُمُ ٱلْكَذِبَ أَنَّ لَهُمُ ٱلْحُسْنَىٰ لاَ جَرَمَ أَنَّ لَهُمُ ٱلْنَّارَ وَأَنَّهُمْ مُّفْرَطُونَ }

وقوله سبحانه: { لِلَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِٱلآخِرَةِ مَثَلُ ٱلسَّوْءِ }: قالت فرقة: { مَثَلُ } ، في هذه الآية: بمعنى صفة، أي: لهؤلاء صفَةُ السَّوْء وللَّه المَثَلُ الأعلى.

قال * ع *: وهذا لا يضطر إِليه؛ لأنه خروجٌ عن اللَّفْظِ، بل قوله: { مَثَلُ } على بابه، فلهم على الإِطلاقِ مَثَلُ السوء في كلِّ سوء، ولا غاية أخزى من عذابِ النارِ، وللَّه سبحانه { الْمَثَلُ الأَعْلَىٰ } على الإِطلاق أيضاً، أي: الكمال المستغْنِي.

وقوله سبحانه: { وَلَوْ يُؤَاخِذُ ٱللَّهُ ٱلنَّاسَ بِظُلْمِهِم مَّا تَرَكَ عَلَيْهَا مِن دَآبَّةٍ }: الضميرُ في «عليها» عائدٌ على الأرض، وتَمَكَّنَ ذلك مع أنه لم يَجْرِ لها ذكر؛ لشهرتها وتمكُّن الإِشارة إِليها، وسمع أبو هريرة رجُلاً يقول: «إِنَّ الظَّالِمَ لاَ يُهْلِكُ إِلاَّ نَفْسَهُ» فَقَالَ أَبُو هُرَيْرَة: بَلَى، إِنَّ اللَّهَ لَيُهْلِكُ الحُبَارَى في وَكْرِهَا هزلاً بِذُنُوب الظَّلَمَةِ. «والأجَلُ المسمَّى»؛ في هذه الآية: هو بحسبِ شَخْصٍ شخصٍ.

وقوله: { مَا يَكْرَهُونَ } يريد البنات.

وقوله سبحانه: { وَتَصِفُ أَلْسِنَتُهُمُ ٱلْكَذِبَ أَنَّ لَهُمُ ٱلْحُسْنَىٰ }: قال مجاهد وقتادة { ٱلْحُسْنَىٰ }: الذُّكُور من الأولاد، وقالت فرقةٌ: يريد الجنة.

قال * ع *: ويؤيِّده قوله: { لاَ جَرَمَ أَنَّ لَهُمُ ٱلْنَّارَ } ، وقرأ السبعة سوَى نافعٍ: «مُفْرَطُونَ» - بفتح الراءِ وخِفَّتِها - أي: مُقَدَّمون إِلى النار، وقرأَ نافع: «مُفْرِطُونَ» - بكسر الراء المخفَّفة ـــ، أي: متجاوِزُونَ الحدَّ في معاصِي اللَّه.