وقوله سبحانه: { أَوَلَمْ يَرَوْاْ إِلَىٰ مَا خَلَقَ ٱللَّهُ مِن شَيْءٍ... } الآية: قوله: { مِن شَيْءٍ } لفظٌ عامٌّ في كلِّ شخصٍ وجرْمٍ له ظلٌّ كالجبال والشجر وغير ذلك، وفَاءَ الظِّلُّ رجَعَ، ولا يقالُ: الفيء إلاَّ مِنْ بعد الزوال؛ في مشهور كلام العرب، لكنْ هذه الآية: الاعتبار فيها من أول النَّهار إلى آخره فكأنَّ الآية جاريةٌ في بعْضٍ؛ على تجوُّز كلام العرب واقتضائه، والرؤية، هنا: رؤيةُ القَلْبُ ولكنَّ الاعتبار برؤية القلب هنا إنما تكونُ في مرئيَّات بالعينِ، و { عَنِ ٱلْيَمِينِ وَٱلْشَّمَآئِلِ }؛ هنا: فيه تجوُّز وآتساعٌ، وذكَرَ الطبريُّ عن الضَّحِّاك، قال: إذا زالَتِ الشمْسُ، سَجَدَ كلّ شيء قِبَلَ القبْلة من نَبْت أو شجر؛ ولذلك كان الصالحُونَ يستحبُّون الصلاة في ذلك الوقْت. قال الداووديُّ: وعن النبيِّ صلى الله عليه وسلم قال: " أَرْبَعٌ قَبْلَ الظُّهْرِ بَعْدَ الزَّوَال تُحْسَبُ بِمِثْلِهِنَّ في صَلاَةِ السَّحَرِ » قَالَ: « وَلَيْسَ شَيْءٌ إِلاَّ يُسَبِّحُ للَّهِ تِلْكَ السَّاعَةَ " وقرأ: { يَتَفَيَّأُ ظِلَـٰلُهُ... } الآية كلُّها. انتهى. و«الدَّاخر»: المتصاغر المتواضع. وقوله سبحانه: { يَخَـافُونَ رَبَّهُمْ }: عامٌّ لجميع الحيوانِ، و { مِّن فَوْقِهِم }: يريد: فوقية القَدْر والعَظَمة والقَهْر. وقوله سبحانه: { وَلَهُ مَا فِي ٱلسَّمَـٰوَاتِ وَٱلأَرْضِ }: { ٱلسَّمَـٰوَاتِ } هنا: كلُّ ما ٱرتفَعَ مِنَ الخلق من جهة فَوْقُ، فيدخل في ذلك العرشُ والكرسيُّ وغيرهما، و { ٱلدِّينِ }: الطاعة والمُلْك، و«الواصب»: الدائم؛ قاله ابن عباس. ثم ذكَّر سبحانه بِنِعَمِهِ، ثم ذَكَّر بأوقاتِ المَرَضِ، وٱلتجاءِ العِباد إِليه سبحانه، و«الضُّرُّ»، وإِن كان يعمُّ كل مكروه، فأكثرُ ما يجيء عن أرزاء البَدَنِ، و { تَجْـئَرُونَ } معناه: ترفعون أصواتكم بٱستغاثة وتضرُّع.