وقوله سبحانه: { وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُواْ بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُم بِهِ... } الآية: أطبق أهْل التفسير أنَّ هذه الآية مدنيَّة، نزلَتْ في شأن التمثيل بَحْمَزة وغيره في يَوْمِ أحُدِ، ووقع ذلك في «صحيحِ البخاريِّ» وغيره، وقال النبيُّ صلى الله عليه وسلم: " «لَئِنْ أَظْفَرَنِي اللَّهُ بِهِمْ لأُمثِّلَنَّ بِثَلاَثِين » " كتاب «النْحَّاس» وغيره: « بِسَبْعِينَ مِنْهُمْ »، فقال الناس: إِنْ ظفرنا، لنفعلَنَّ ولنفعَلنَّ، فنزلَتْ هذه الآية، ثم عزم على النبيِّ صلى الله عليه وسلم في الصَّبْر عن المجازاة بالتمثيل في القتلى، ويروى أنه عليه السلام قَالَ لأصحابه: " «أَمَّا أنا فَأصْبِرُ كَمَا أُمِرْتُ، فَمَاذَا تَصْنَعُونَ؟ فَقَالُوا: نَصْبِرُ يَا رَسُولَ اللَّهِ كما نُدِبْنَا!!!» " وقوله: { وَمَا صَبْرُكَ إِلاَّ بِٱللَّهِ } أي بمعونة اللَّهِ وتأييده على ذلك. وقوله سبحانه: { وَلاَ تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ } قيل: الضمير في قوله: { عَلَيْهِمْ } يعودُ على الكُفار، أي: لا تتأسَّف عليهم أنْ لم يُسْلِمُوا، وقالتْ فرقة: بل يعودُ على القَتْلى حمزة وأصحابه الذين حَزِنَ عليهم صلى الله عليه وسلم والأولُ أصوبُ. { وَلاَ تَكُ فِي ضَيْقٍ مِّمَّا يَمْكُرُونَ } قرأ الجمهور: «في ضَيْقٍ» - بفتح الضاد -، وقرأ ابن كثير بكسر الضاد، وهما لغتان. { إِنَّ ٱللَّهَ مَعَ ٱلَّذِينَ ٱتَّقَواْ }: أي بالنصْرِ والمعونةِ، و { ٱتَّقَوْاْ } يريدُ المعاصِيَ، و { مُّحْسِنُونَ } هم الذين يتزيَّدون فيما نُدِبَ إِليه من فِعْلِ الخَيْرِ وصلَّى اللَّهُ على سَيِّدنا محمدٍ وآله وصَحْبه وسلَّم تسليماً.