الرئيسية - التفاسير


* تفسير الجواهر الحسان في تفسير القرآن/ الثعالبي (ت 875 هـ) مصنف و مدقق


{ إِنَّمَا يَفْتَرِي ٱلْكَذِبَ ٱلَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِآيَاتِ ٱللَّهِ وَأُوْلـٰئِكَ هُمُ ٱلْكَاذِبُونَ } * { مَن كَفَرَ بِٱللَّهِ مِن بَعْدِ إيمَانِهِ إِلاَّ مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِٱلإِيمَانِ وَلَـٰكِن مَّن شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْراً فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِّنَ ٱللَّهِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ }

وقوله سبحانه: { إِنَّمَا يَفْتَرِي ٱلْكَذِبَ }: بمعنى: إنما يكْذِبُ، وهذه مقاومةٌ للذين قالوا للنبيِّ صلى الله عليه وسلم:إِنَّمَا أَنتَ مُفْتَرٍ } [النحل:101، ومَنْ في قوله { مَن كَفَرَ } بدلٌ مِنْ قوله: { ٱلْكَـٰذِبُونَ } ، فروي: أن قوله سبحانه: { وَأُوْلَٰـئِكَ هُمُ ٱلْكَـٰذِبُونَ } يراد به مِقْيَسُ بنُ ضَبَابَةَ وأشباهه ممَّن كان آمن، ثم ٱرتدَّ بٱختياره مِنْ غيرِ إِكراه.

وقوله سبحانه: { إِلاَّ مَنْ أُكْرِهَ } ، أي: كبلالٍ وَعمَّارِ بنِ يَاسِرٍ وأمِّهِ وخَبَّابٍ وصُهَيْبٍ وأشباههم؛ ممَّن كان يُؤْذَى في اللَّه سبحانه، فربَّما سامَحَ بعضُهم بما أراد الكَفَّارُ من القَوْل؛ لِمَا أصابه من تَعْذيبِ الكفرة، فيروىٰ: أنَّ عَمَّار بْنَ ياسِرٍ فعَلَ ذلك، فٱستثناه الله في هذه الآية، وبقيَّة الرخْصَةِ عامَّة في الأمرْ بَعْده، " ويروى أن عمَّار بنَ ياسِرٍ شكَا إلى النبيِّ صلى الله عليه وسلم ما صُنعَ به مِنَ العذاب، وما سَامَحَ به من القولِ، فقال له النبيُّ صلى الله عليه وسلم: « كَيْفَ تَجِدُ قَلْبَكَ » قالَ: أَجدُهُ مُطْمِئَناً بالإِيمَانِ، قَالَ: « فأجِبْهُمْ بِلِسَانِكَ؛ فإِنَّهُ لا يَضُرُّكَ، وإِن عادُوا فَعُدْ» ". وقوله سبحانه: { وَلَـٰكِن مَّن شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْرًا } معناه: ٱنبسَطَ إلى الكفر بٱختياره.

* ت *: وقد ذكر * ع * هنا نَبَذاً من مسائِلِ الإِكراه، تركْتُ ذلك خشية التطويل، وإن محلُّ بسطها كُتُبُ الفقْهِ.