وقوله سبحانه: { قَالَ فَمَا خَطْبُكُمْ أَيُّهَا ٱلْمُرْسَلُونَ }: لفظةُ الخَطْب إِنما تستعمل في الأمور الشِّدَاد، وقولهم: { إِلا آلَ لُوطٍ }: ٱستثناءٌ منقطعٌ، و«الآلُ»: القومُ الذي يَؤولُ أمرهم إِلى المضافِ إِليه؛ كذا قال سَيبَوَيْهِ؛ وهذا نصٌّ وفي أن لفظة «آل» ليست لفظة «أهْل»؛ كما قال النَّحَّاس، و { إِلاَّ ٱمْرَأَتَهُ }: استثناءٌ متصلٌ، وٱلاستثناءُ بعد ٱلاستثناءِ يردُّ المستثنى الثاني في حُكْم الأمر الأول، و { ٱلْغَـٰبِرِينَ }؛ هنا: أي: الباقين في العذابِ، و«وغَبَر»: من الأضدادِ، يقال في الماضِي وفي الباقي، وقولُ الرسُل للوط: { بَلْ جِئْنَـٰكَ بِمَا كَانُواْ فِيهِ يَمْتَرُونَ } ، أي: بما وَعَدَكَ اللَّه من تعذيبهم الذي كانوا يَشْكُونَ فيه، و«الْقَطْعُ»: الجُزْءُ من الليل. وقوله سبحانه: { وَٱتَّبِعْ أَدْبَـٰرَهُمْ } ، أي: كن خلفهم، وفي ساقتهم، حتى لا يبقَى منهم أحد، { وَلاَ يَلْتَفِتْ }: مأخوذٌ من ٱلالتفاتِ الذي هو نظر العين، قال مجاهد: المعنى: لا ينظر أحد وراءه، ونُهُوا عن النظر مَخَافَةَ العُلْقَةِ، وتعلُّقِ النفْسِ بِمَنْ خلف، وقيل: لَئِلاَّ تنفطر قلوبُهُمْ من معايَنَة ما جَرَى على القَرْية في رَفْعها وطَرْحِها.