وقوله سبحانه: { وَيَقُولُونَ مَتَىٰ هَـٰذَا ٱلْوَعْدُ إِن كُنتُمْ صَـٰدِقِينَ * قُل لاَّ أَمْلِكُ لِنَفْسِي ضَرًّا وَلاَ نَفْعًا إِلاَّ مَا شَاءَ ٱللَّهُ لِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ إِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ فَلاَ يَسْتَأْخِرُونَ... } الآية: الضميرُ في { يَقُولُونَ } لكفَّار قريش، وسؤالهم عن الوعدِ تحريرٌ منهم - بزعمهم - للحجَّة أي: هذا العذابُ الذي تُوُعِّدْنا به، حَدِّدْ لنا وقته؛ لِنَعْلَمَ الصِّدْق في ذلك من الكَذِب، ثم أمر اللَّه تعالى نبيَّه أنْ يقول على جهة الردِّ عليهم: { قُل لاَّ أَمْلِكُ لِنَفْسِي ضَرًّا وَلاَ نَفْعًا إِلاَّ مَا شَاءَ ٱللَّهُ } ، ولكن { لِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ } انفرد اللَّه بعلْمِ حدِّه ووقتِهِ، وباقي الآية بَيِّن.
وقوله: { مَّاذَا يَسْتَعْجِلُ مِنْهُ ٱلْمُجْرِمُونَ }: أي: فمَا تستعجلون منه، وأنتم لا قِبَلَ لكم بِهِ، والضمير في «مِنْهُ» يحتمل أنْ يعود على اللَّه عزَّ وجلَّ، ويحتمل أن يعود على العَذَابِ.
وقوله: { أَثُمَّ إِذَا مَا وَقَعَ آمَنتُم بِهِ } المعنى: إِذا وقع العذابُ وعاينتموه، آمنتم حينئذٍ، وذلك غَيْر نافعكم، بل جوابُكُمْ: الآن وقَدْ كُنْتُمْ تستعجلونَهُ مكذِّبين به، { وَيَسْتَنْبِئُونَكَ }: معناه: يستخبرُونَك، وهي عَلَى هذا تتعدَّى إِلى مفعولَيْنِ؛ أَحدُهما: الكافُ، والآخرُ: الجملة، وقيل: هي بمعنى يَسْتَعلِمُونَكَ؛ فعلى هذا تحتاجُ إِلَى ثَلاَثةِ مَفَاعِيلَ.
* ص *: ورُدَّ بأن ٱلاستنباء لا يُحْفَظُ تعديه إِلى ثلاثةٍ، ولاَ اسْتَعْلَمَ الذي هو بِمَعْنَاه. انتهى.
و { أَحَقٌّ هُوَ } قيل: الإِشارة إِلى الشرعِ والقُرآن، وقيل: إِلى الوعيدِ؛ وهو أَظْهر.
وقوله: { إِي وَرَبِّي }: أي: بمعنى «نَعَمْ»، وهي لفظة تتقدَّم القَسَم، ويجيء بعدها حَرْفُ القسم، وقد لا يجيء؛ تقُولُ: إِي ورَبِّي، وإِي رَبِّي، و { مُعْـجِزِينَ }: معناه مفلتين.