وقوله سبحانه: { وَإِذَا تُتْلَىٰ عَلَيْهِمْ آيَـٰتُنَا بَيِّنَاتٍ قَالَ ٱلَّذِينَ لاَ يَرْجُونَ لِقَاءَنَا } يعني: بعْضَ كفار قريش: { ٱئْتِ بِقُرْآنٍ غَيْرِ هَـٰذَا أَوْ بَدِّلْهُ } ، ثم أمر سبحانه نبيه أَنْ يردَّ عليهم بالحق الواضح، فقال: { قُل لَّوْ شَاءَ ٱللَّهُ مَا تَلَوْتُهُ عَلَيْكُمْ } ولا أعلمكم به، و { أَدْرَٰكُم } بمعنى: أعلمكم، تقول: دَرَيْتُ بالأَمْرِ، وأَدْرَيْتُ بِهِ غيري، ثم قال: { فَقَدْ لَبِثْتُ فِيكُمْ عُمُراً مِّن قَبْلِهِ } يعني: الأربعين سنةً قبل بعثته عليه السلام، أي: فلم تجرِّبوني في كَذِبٍ، ولا تكلَّمتُ في شيءٍ مِنْ هذا { أَفَلاَ تَعْقِلُونَ }؛ أنَّ من كان على هذه الصفة لا يصحُّ منه كذب بعد أَنْ ولَّى عمره، وتقاصَرَ أملُهُ، واشتدَّت حِنْكَته وخوفُه لربِّه. وقوله: { فَمَنْ أَظْلَمُ }: ٱستفهامٌ وتقريرٌ، أي: لا أحد أظلم ممَّن ٱفترى على اللَّه كذباً، أو ممَّن كذَّب بآياته؛ بَعْد بيانها، والضمير في { يَعْبُدُونَ } لكفَّار قريش، وقولهم: { هَـؤُلاءِ شُفَعَـٰؤُنَا عِندَ ٱللَّهِ }: هذا قول النبلاء منهم، ثم أمر سبحانه نبيَّه أن يقرِّرهم ويوبِّخهم بقوله: { أَتُنَبِّئُونَ ٱللَّهَ بِمَا لاَ يَعْلَمُ فِي ٱلسَّمَـٰوَاتِ وَلاَ فِي ٱلأَرْضِ } ، وذكر السمٰوات؛ لأن من العرب من يعبد الملائكَةَ والشِّعْرَى، وبحسب هذا حَسُنَ أن يقول: { هَـؤُلاءِ شُفَعَـٰؤُنَا } ، وقيل: ذلك على تجوُّز في الأصنام التي لا تَعْقِلُ.