الرئيسية - التفاسير


* تفسير غرائب القرآن و رغائب الفرقان/القمي النيسابوري (ت 728 هـ) مصنف و مدقق


{ وَٱلضُّحَىٰ } * { وَٱللَّيْلِ إِذَا سَجَىٰ } * { مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَىٰ } * { وَلَلآخِرَةُ خَيْرٌ لَّكَ مِنَ ٱلأُولَىٰ } * { وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَىٰ } * { أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيماً فَآوَىٰ } * { وَوَجَدَكَ ضَآلاًّ فَهَدَىٰ } * { وَوَجَدَكَ عَآئِلاً فَأَغْنَىٰ } * { فَأَمَّا ٱلْيَتِيمَ فَلاَ تَقْهَرْ } * { وَأَمَّا ٱلسَّآئِلَ فَلاَ تَنْهَرْ } * { وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ }

القراءات: { سجى } مثلدحاها } [الآية: 30] في " النازعات ".

الوقوف: { والضحى } ه لا { سجى } ه لا { قلى } ه لا { الأولى } ه لا { فترضى } ه ط { فآوى } ه ص { فهدى } ه ك { فأغنى } ط { فلا تقهر } ه ط { فلا تنهر } ه ط { فحدّث } ه.

التفسير: الأكثرون على أن المراد بالضحى وقت الضحى وهو صدر النهار حين ترتفع الشمس ويظهر سلطانها. وقيل: هو النهار كله لإقرانه بالليل في القسم وهو ضعيف، لأن معنى سجى سكن واستقر ظلامه، أو سكون الناس فيه فيكون الإسناد مجازياً. يقال: سجا البحر إذا سكنت أمواجه، وطرف ساج أي ساكن فاتر. ولا ريب أن سجوّ الليل وقت استيلاء الظلام منه لا كله فهو بمنزلة الضحى من النهار. وههنا لطائف: الأولى: قدم ذكر الليل في السورة المتقدمة وعكس ههنا لانفراد كل منهما بفضيلة مخصوصة، فالليل للراحة والنهار لانتظام أمر المعاش فقدّم هذا على ذلك تارة وبالعكس أخرى لئلا يخلو شيء من النوعين عن فضيلة التقديم. وأيضاً تلك سورة أبي بكر وقد سبقه كفر يشبه الليل في الظلمة، وهذه سورة محمد صلى الله عليه وسلم ولم يسبقه كفر طرفة عين ولا أقل من ذلك، فبدأ النهار الذي هو يشابه الإيمان. فإن ذكرت الليل أولاً وهو أبو بكر ثم صعدت وجدت بعده النهار وهو محمد صلى الله عليه وسلم، وإن ذكرت الضحى أولاً وهو محمد صلى الله عليه وسلم ثم نزلت وجدت بعده الليل وهو أبو بكر من غير واسطة بينهما كما وقع في نفس الأمر، وكما ثبت من قصة الغار. الثانية: ما الحكمة في تخصيص القسم في أول هذه السورة بالضحى والليل؟ والجواب لأن ساعات النهار كلما تنقص فإن ساعات الليل تزداد وبالعكس، فلا تلك الزيادة للهوى ولا ذاك النقصان للقلى بلى للحكمة، فكذا الرسالة وإنزال الوحي بحسب المصالح فمرة إنزال ومرة حبس لا عن الهوى ولا عن القلى. وأما السبب في الأقسام نفسه فلأن الكفار لما ادّعوا أن ربه ودعه وقلاه وقد ثبت أن البينة على المدعي واليمين على من أنكر قال لهم: هاتوا الحجة فعجزوا فلزمه اليمين بأنه ما ودعه ربه وما قلاه. وفيه أن الليل والنهار لا يسلمان من الزيادة والنقصان فيكف تطمع أن تسلم عن الخلق؟ وفيه أن الليل زمان الاستيحاش والنهار وقت الاجتماع والمعاش فكأنه قال: استبشر فإن بعد الاستيحاش بسبب انقطاع الوحي يظهر ضحى نزول الوحي. وفيه أن الضحى لما كان وقت موعد موسى لمعارضة السحرة كما قالموعدكم يوم الزينة وأن يحشر الناس ضحى } [طه: 59] شرفه الله بأن أقسم به فعلم منه أن فضيلة الإنسان لا تضيع ثمرتها.

السابقالتالي
2 3 4 5 6 7