الرئيسية - التفاسير


* تفسير غرائب القرآن و رغائب الفرقان/القمي النيسابوري (ت 728 هـ) مصنف و مدقق


{ ٱلْحَمْدُ للَّهِ ٱلَّذِي خَلَقَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضَ وَجَعَلَ ٱلظُّلُمَٰتِ وَٱلنُّورَ ثْمَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ } * { هُوَ ٱلَّذِي خَلَقَكُمْ مِّن طِينٍ ثُمَّ قَضَىۤ أَجَلاً وَأَجَلٌ مُّسَمًّى عِندَهُ ثُمَّ أَنتُمْ تَمْتَرُونَ } * { وَهُوَ ٱللَّهُ فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَفِي ٱلأَرْضِ يَعْلَمُ سِرَّكُمْ وَجَهْرَكُمْ وَيَعْلَمُ مَا تَكْسِبُونَ } * { وَمَا تَأْتِيهِم مِّنْ آيَةٍ مِّنْ آيَٰتِ رَبِّهِمْ إِلاَّ كَانُواْ عَنْهَا مُعْرِضِينَ } * { فَقَدْ كَذَّبُواْ بِٱلْحَقِّ لَمَّا جَآءَهُمْ فَسَوْفَ يَأْتِيهِمْ أَنْبَاءُ مَا كَانُواْ بِهِ يَسْتَهْزِءُونَ } * { أَلَمْ يَرَوْاْ كَمْ أَهْلَكْنَا مِن قَبْلِهِم مِّن قَرْنٍ مَّكَّنَّٰهُمْ فِي ٱلأَرْضِ مَا لَمْ نُمَكِّن لَّكُمْ وَأَرْسَلْنَا ٱلسَّمَآءَ عَلَيْهِم مِّدْرَاراً وَجَعَلْنَا ٱلأَنْهَارَ تَجْرِي مِن تَحْتِهِمْ فَأَهْلَكْنَٰهُمْ بِذُنُوبِهِمْ وَأَنْشَأْنَا مِن بَعْدِهِمْ قَرْناً آخَرِينَ } * { وَلَوْ نَزَّلْنَا عَلَيْكَ كِتَٰباً فِي قِرْطَاسٍ فَلَمَسُوهُ بِأَيْدِيهِمْ لَقَالَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ إِنْ هَـٰذَآ إِلاَّ سِحْرٌ مُّبِينٌ } * { وَقَالُواْ لَوْلاۤ أُنزِلَ عَلَيْهِ مَلَكٌ وَلَوْ أَنزَلْنَا مَلَكاً لَّقُضِيَ ٱلأَمْرُ ثُمَّ لاَ يُنظَرُونَ } * { وَلَوْ جَعَلْنَٰهُ مَلَكاً لَّجَعَلْنَٰهُ رَجُلاً وَلَلَبَسْنَا عَلَيْهِم مَّا يَلْبِسُونَ } * { وَلَقَدِ ٱسْتُهْزِىءَ بِرُسُلٍ مِّن قَبْلِكَ فَحَاقَ بِٱلَّذِينَ سَخِرُواْ مِنْهُمْ مَّا كَانُواْ بِهِ يَسْتَهْزِءُونَ } * { قُلْ سِيرُواْ فِي ٱلأَرْضِ ثُمَّ ٱنْظُرُواْ كَيْفَ كَانَ عَٰقِبَةُ ٱلْمُكَذِّبِينَ }

القراءات: { وأنشأنا } بغير همز حيث كان: أبو عمرو ويزيد والأعشى وورش من طريق الأصفهاني وحمزة في الوقف. { ولقد استهزىء } وبابه بالهمز: أبو عمرو وسهل ويعقوب وحمزة وعاصم، وقرأ يزيد والشموني وحمزة في الوقف بغير همز الباقون بغير همز مطلقاً { فحاق } بالإمالة حيث كان حمزة.

الوقوف: { والنور } ط لأن " ثم " لترتيب الأخبار { يعدلون } ه { أجلاً } ط { تمترون } ه { وفي الأرض } ج وقيل: لا وقف ليصير التقدير وهو الله يعلم سركم وجهركم في السموات وفي الأرض وفيه بعد، بل المعنى وهو المستحق للعبودية في أهل السموات وأهل الأرض. { تكسبون } ه { معرضين } ه { لما جاءهم } ط للابتداء بالتهديد { يستهزؤن } ه { مدراراً } ص لعطف المتفقين { آخرين } ه { سحر مبين } ه { عليه ملك } ط { لا ينظرون } ه { يلبسون } ه { يستهزؤن } ه { المكذبين } ه.

التفسير: عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال " نزلت الأنعام جملة واحدة وتنزلت، معها من الملائكة سبعون ألف ملك فملؤا ما بين الأخشبين " فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم الكتاب فكتبوها من ليلتهم سوى آيات معدودات. وعن أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال " لقد بعث إليّ بها جبريل مع خمسين ملكاً أو خمسين ألف ملك تحفها حتى أقروها في صدري كما يقرّ الماء في الحوض ولقد أعزني الله تعالى وإياكم بها عزاً لا يذلنا بعدها أبداً فيها دحض حجج المشركين ووعد من الله لا يخلفه " ولاشتمال هذه السورة على دلائل التوحيد والنبوّة والمعاد ولنزولها جملة ذهب علماء الكلام إلى أن علم الأصول مع جلالة قدره يجب تعلمه على الفور لا على التراخي بخلاف الأحكام فإنها نزلت كفاء المصالح وبحسب الحوادث والنوازل.

وأعلم أن قوله { الحمد لله } مذكور في أوائل سور خمس واختص كل منها بصفة، لكن أعمها صدر فاتحة الكتابالحمد لله رب العالمين } [الفاتحة:1] فإن العالم كل موجود سوى الله سبحانه فكان سائر السور تفاصيل لهذه الجملة. أثنى الله سبحانه على نفسه بقوله { الحمد لله الذي خلق السموات والأرض } والثناء على النفس قبيح في الشاهد ففيه دليل على أنه لا يمكن قياس الحق على الخلق، فكما أنه واحد في ذاته فهو واحد في صفاته وأفعاله لا اعتراض لأحد عليه. والتحقيق فيه أن استحقاق المدح بحسب الفضيلة والكمال ولا يوجد في الممكن صفة كمال إلا وهي مشوبة بالنقص والاختلال أدناه الأفول في أفق الإمكان بخلاف واجب الوجود فإنه لا غاية لكماله ولا نهاية لعظمته وجلاله. فلا ينبغي أن يمدح إلا هو، ولا أن يثنى إلا عليه، ولا أن يشكر ويحمد إلا له.

السابقالتالي
2 3 4 5 6 7 8 9