الرئيسية - التفاسير


* تفسير غرائب القرآن و رغائب الفرقان/القمي النيسابوري (ت 728 هـ) مصنف و مدقق


{ وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِيۤ إِسْرَائِيلَ لاَ تَعْبُدُونَ إِلاَّ ٱللَّهَ وَبِٱلْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً وَذِي ٱلْقُرْبَىٰ وَالْيَتَامَىٰ وَٱلْمَسَاكِينِ وَقُولُواْ لِلنَّاسِ حُسْناً وَأَقِيمُواْ ٱلصَّلاَةَ وَآتُواْ ٱلزَّكَاةَ ثُمَّ تَوَلَّيْتُمْ إِلاَّ قَلِيلاً مِّنْكُمْ وَأَنْتُمْ مُّعْرِضُونَ } * { وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ لاَ تَسْفِكُونَ دِمَآءَكُمْ وَلاَ تُخْرِجُونَ أَنْفُسَكُمْ مِّن دِيَارِكُمْ ثُمَّ أَقْرَرْتُمْ وَأَنْتُمْ تَشْهَدُونَ } * { ثُمَّ أَنْتُمْ هَـٰؤُلاۤءِ تَقْتُلُونَ أَنْفُسَكُمْ وَتُخْرِجُونَ فَرِيقاً مِّنْكُمْ مِّن دِيَارِهِمْ تَظَاهَرُونَ عَلَيْهِمْ بِٱلإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَإِن يَأتُوكُمْ أُسَارَىٰ تُفَادُوهُمْ وَهُوَ مُحَرَّمٌ عَلَيْكُمْ إِخْرَاجُهُمْ أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ ٱلْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ فَمَا جَزَآءُ مَن يَفْعَلُ ذٰلِكَ مِنكُمْ إِلاَّ خِزْيٌ فِي ٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا وَيَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ يُرَدُّونَ إِلَىٰ أَشَدِّ ٱلّعَذَابِ وَمَا ٱللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ } * { أُولَـٰئِكَ ٱلَّذِينَ ٱشْتَرَوُاْ ٱلْحَيَاةَ ٱلدُّنْيَا بِٱلآخِرَةِ فَلاَ يُخَفَّفُ عَنْهُمُ ٱلْعَذَابُ وَلاَ هُمْ يُنصَرُونَ }

القراءات: { لا يعبدون } بالياء للغيبة. ابن كثير وحمزة وعلي والمفضل { القربى } بالإمالة المفرطة: حمزة وعلي وخلف، وقرأ أبو عمرو بالإمالة اللطيفة وكذلك كل كلمة على وزن " فعلى " { حسنا } وصفاً: يعقوب وحمزة وعلي وخلف والمفضل { تظاهرون } خفيفاً: عاصم وحمزة وعلي وخلف، وحذف إحدى التاءين للتخفيف، الباقون بالتشديد ووجهه إدغام التاء في الظاء { أسارى } بالإمالة { تفدوهم } أبو عمرو وخلف. { أسارى } مفخماً { تفدوهم } ابن كثير وابن عامر { أسرى } بالإمالة { تفدوهم } حمزة. { أسارى } بالإمالة { تفادوهم } علي والنجاري عن ورش والخراز عن هبيرة، والباقون { أسارى } مفخماً { تفادوهم } { تردون } بتاء الخطاب: أبو زيد عن المفضل { يعلمون } بياء الغيبة: ابن كثير ونافع وخلف ويعقوب وأبو بكر وحماد بناء لآخر الكلام على أوّله، الباقون بالتاء تغليباً للمخاطبين على الغيب.

الوقوف: { الزكاة } لأن " ثم " لترتيب الأخبار أي مع ذلك توليتم و { معرضون } و { تشهدون } (ه) { من ديارهم } (ز) لأن { تظاهرون } يشبه استئنافاً، وكونه حالاً أوجه و { العدوان } (ط) { إخراجهم } (ط) { ببعض } (ج) لابتداء الاستفهام أو النفي مع فاء التعقيب { الدنيا } (ط) لعطف الجملتين المختلفتين { العذاب } (ط) { يعملون } (ه) { الآخرة } (ز) لأن الفعل مستأنف وفيه فاء التعقيب للجزاء { ينصرون } (ه).

التفسير: إنه سبحانه كلفهم بأشياء: الأوّل: قوله { لا تعبدون إلا الله } من قرأ بياء الغيبة فلأنهم غيب، ومن قرأ بتاء الخطاب فلحكاية ما خوطبوا به، وفي إعرابه أقوال: أحدها: أنه إخبار في معنى النهي كقولك " تذهب إلى فلان " تريد الأمر وهو أبلغ من صريح الأمر والنهي كأنه سورع إلى الامتثال فهو يخبر عنه. ويؤيد هذا القول عطف { وقولوا } { وأقيموا } عليه. وثانيها: التقدير أن لا تعبدوا فلما حذفت " أن " رفعت كقوله " ألا أبهذا الزاجري أحضر الوغى " ويحتمل أن تكون " أن " مفسرة وأن تكون مع الفعل بدلاً من الميثاق كأنه قيل: أخذنا ميثاق بني إسرائيل توحيدهم. وثالثها: هو جواب قوله { أخذنا ميثاق بني إسرائيل } إجراء له مجرى القسم كأنه قيل: وإذ أقسمنا عليهم لا تعبدون. وهذا التكليف بالحقيقة يتضمن جميع ما لا بد منه في الدين، لأن الأمر بعبادته والنهي عن عبادة غيره مسبوق بالعلم بذاته سبحانه وبجميع ما يجب له ويستحيل عليه، ومسبوق أيضاً بالعلم بكيفية تلك العبادة التي لا سبيل إلى معرفتها إلا بالوحي والرسالة.

التكليف الثاني: قوله: { وبالوالدين إحساناً } معناه يحسنون بالوالدين إحساناً ليناسب { لا تعبدون } أو أحسنوا ليناسب { وقولوا } ويمكن أن يقدر " وصيناهم " عطفاً على { أخذنا } وهذا أنسب لمكان الباء، ولا بد من تقدير القول إما قبل { لا تعبدوا } وإما قبل { أحسنوا } وإما قبل { قولوا } وإنما جعل الإحسان إلى الوالدين تالياً لعبادة الله لوجوه منها: أنهما سبب وجود الولد كما أنهما سبب التربية، وغير الوالدين قد يكون سبب التربية فقط فلا إنعام بعد إنعام الله تعالى أعظم من إنعام الوالدين.

السابقالتالي
2 3 4 5 6 7