الرئيسية - التفاسير


* تفسير غرائب القرآن و رغائب الفرقان/القمي النيسابوري (ت 728 هـ) مصنف و مدقق


{ يَٰبَنِي إِسْرَائِيلَ ٱذْكُرُواْ نِعْمَتِي ٱلَّتِيۤ أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَنِّي فَضَّلْتُكُمْ عَلَى ٱلْعَٰلَمِينَ } * { وَٱتَّقُواْ يَوْماً لاَّ تَجْزِي نَفْسٌ عَن نَّفْسٍ شَيْئاً وَلاَ يُقْبَلُ مِنْهَا شَفَٰعَةٌ وَلاَ يُؤْخَذُ مِنْهَا عَدْلٌ وَلاَ هُمْ يُنْصَرُونَ }

القراءات: { ولا تقبل } بالتاء الفوقانية، ابن كثير وأبو عمرو وسهل ويعقوب.

الوقوف: { العالمين } (ه) { ينصرون } (ه)

التفسير: إنما أعاد سبحانه هذا الكلام مرة أخرى توكيداً للحجة وتحذيراً من ترك اتباع صلى الله عليه وسلم، كأنه قال: إن لم تطيعوني لأجل سوالف نعمتي عليكم فأطيعوني للخوف من عقابي في المستقبل. والمراد بالعالمين ههنا الجم الغفير من الناس كقولهباركنا فيها للعالمين } [الأنبياء: 71]. ويقال: رأيت عالماً من الناس. يراد الكثرة بقرينة العلم بأنه لم ير كل الناس، ويمكن أن يكون المراد فضلتكم على عالمي زمانكم، لأن الشخص الذي سيوجد بعد ذلك لا يكون من جملة العالمين. ويحتمل أن يكون لفظ { العالمين } عاماً للموجودين ولمن سيوجد لكنه مطلق في الفضل، والمطلق يكفي في صدقه صورة واحدة. فالآية تدل على أنهم فضلوا على كل العالمين في أمر ما، وهذا لا يقتضي أن يكونوا أفضل من كل العالمين في كل الأمور، فلعل غيرهم يكون أفضل منهم في أكثرها. وقيل: الخطاب لمؤمني بني إسرائيل لأن عصاتهم مسخوا قردة وخنازير، وفي جميع ما يخاطب الله تعالى بني إسرائيل تنبيه للعرب لأن الفضيلة بالنبي قد لحقتهم. وجميع أقاصيص الأنبياء تنبيه وإرشادلقد كان في قصصهم عبرة لأولي الألباب } [يوسف: 111]. روي عن قتادة قال: ذكر لنا أن عمر بن الخطاب كان يقول: قد مضى والله بنو إسرائيل وما يعني بما تسمعون غيركم. واتقاء اليوم هو اتقاء ما يحصل في ذلك اليوم من الشدائد والأهوال، لأن نفس اليوم لا يتقى. وقوله { لا تجزي } إلى آخر الآية. الجمل منصوبات المحل صفات متعاقبة لليوم، والراجع منها إلى الموصوف محذوف تقديره: لا تجزي فيه. ومنهم من يقول: اتسع فيه فأجرى مجرى المفعول به فحذف الجار وهو " في " فبقي لا تجزيه، ثم حذف الضمير كما حذف في قوله " أم مال أصابوا " قال:
فمـا أدري أغيـرهـم تنـاء   وطـول العهـد أم مـال أصـابـوا
أي أصابوه. ولا يخفى أن هذا التكلف لا يتمشى في سائر الجمل، بل يتعين تقدير الجار والمجرور العائد. ومعنى لا تجزي لا تقضي عنها شيئاً من الحقوق، ومنه الحديث في الجذعة التي ضحاها ابن نيار قبل الوقت " تجزي عنك ولا تجزي عن أحد بعدك " و { شيئاً } مفعول به، ويجوز أن يكون في موضع مصدر أي قليلاً من الجزاء مثل " ولا تظلمون شيئاً ". ومعنى تنكير النفس أن نفساً من الأنفس لا تجزي عن نفس منها شيئاً من الأشياء وهو الإقناط الكلي القاطع للمطامع. وكذلك قوله { ولا يقبل منها شفاعة ولا يؤخذ منها عدل } أي فدية لأنها معادلة للمفدى. وفي الحديث

السابقالتالي
2 3