الرئيسية - التفاسير


* تفسير غرائب القرآن و رغائب الفرقان/القمي النيسابوري (ت 728 هـ) مصنف و مدقق


{ للَّهِ ما فِي ٱلسَّمَٰوٰتِ وَمَا فِي ٱلأَرْضِ وَإِن تُبْدُواْ مَا فِيۤ أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ ٱللَّهُ فَيَغْفِرُ لِمَن يَشَآءُ وَيُعَذِّبُ مَن يَشَآءُ وَٱللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ } * { ءَامَنَ ٱلرَّسُولُ بِمَآ أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِن رَّبِّهِ وَٱلْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِٱللَّهِ وَمَلاۤئِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّن رُّسُلِهِ وَقَالُواْ سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ ٱلْمَصِيرُ } * { لاَ يُكَلِّفُ ٱللَّهُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا ٱكْتَسَبَتْ رَبَّنَا لاَ تُؤَاخِذْنَا إِن نَّسِينَآ أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلاَ تَحْمِلْ عَلَيْنَآ إِصْراً كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى ٱلَّذِينَ مِن قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلاَ تُحَمِّلْنَا مَا لاَ طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَٱعْفُ عَنَّا وَٱغْفِرْ لَنَا وَٱرْحَمْنَآ أَنتَ مَوْلَٰـنَا فَٱنْصُرْنَا عَلَى ٱلْقَوْمِ ٱلْكَافِرِينَ }

القراءات: { فيغفر لمن يشاء } بإدغام الراء في اللام: أبو عمرو. وجملة أهل العلم على الإخفاء لا على الإدغام التام { فيغفر } و { يعذب } برفع الراء والباء: يزيد وابن عامر وعاصم وسهل ويعقوب. وقرأ حمزة غير أبي عمرو والحلواني عن قالون وابن مجاهد وأبو عون وأبو ربيعة عن البزي وخلف لنفسه يعذب من بالإظهار، أبو عمرو يدغم { ويعذب من يشاء } كل القرآن. { وكتابه } حمزة وعلي وخلف الباقون { وكتبه } جمعاً لا يفرق بياء الغيبة يعقوب. الباقون بالنون { أخطأنا } مثلفادارأتم } [البقرة: 72].

الوقوف: { وما في الأرض } ط { به الله } ط لمن قرأ { فيغفر } بالرفع على الاستئناف/ أي فهو يغفر، ومن جزم العطف لم يقف. { من يشاء } ط. { قدير } ه { والمؤمنون } ه، لمن لم يقف على من ربه. { المصير } ه، { وسعها } ط { ما اكتسبت } ط { أو أخطأنا } ج { من قبلنا } ج لأن النداء للابتداء ولكن الواو لعطف السؤال على السؤال { لنا به } ج { واعف عنه } وقفة { واغفر لنا } كذلك { واحمنا } كذلك للتفصيل بين أنواع المقاصد والاعتراف بأن أطماعنا غير واحد { الكافرين } ه.

التفسير: إنه تعالى لما جمع في هذه السورة أشياء كثيرة من علم الأصول وهي دلائل التوحيد والنبوة والمعاد وأشياء كثيرة من بيان الشرائع والتكاليف كالصلاة والزكاة والقصاص والصوم والحج والجهاد والحيض والطلاق والعدة والصداق والخلع والإيلاء والإرضاع والبيع والربا والمداينة، ختم السورة بكلام دل على كماله ملكه وهو قوله: { لله ما في السموات وما في الأرض } وعلى كمال علمه وهو قوله { وإن تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه يحاسبكم به الله } وعلى كمال قدرته وهو قوله { فيغفر لمن يشاء ويعذب من يشاء والله على كل شيء قدير } وفي ذلك غاية الوعد للمطيعين ونهاية الوعيد للمذنبين. وعن أبي مسلم أنه لما قال: والله بما تعملون عليم. ذكر عليه دليلاً عقلياً فإن من كان فاعلاً لهذه الأفعال المحكمة المتقنة المشتملة على الحكم المتكاثرة والمنافع الفاخرة لا بد أن يكون محيطاً بأجزائها وجزئياتها. وقيل: لما أمر بالوثائق من الكتبة والأشهاد والرهن، ذكر ما علم منه أن المقصود يرجع إلى الخلق وأنه منزه على الانتفاع به. وقال الشعبي وعكرمة ومجاهد: إنه لما أوعد على كتمان الشهادة ذكر أن له ما في السموات وما في الأرض فيجازي على الكتمان والإظهار. عن ابن عباس وأبي هريرة واللفظ له: " لما نزل { وإن تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه يحاسبكم به الله } اشتد ذلك على أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم. فأتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم بركوا على الركب فقالوا: أي رسول الله، كلفنا من الأعمال ما نطيق: الصلاة والصيام والصدقة. وقد أنزلت عليك هذه الآية ولا نطيقها. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أتريدون أن تقولوا كما قال أهل الكتابين من قبلكم سمعنا وعصينا؟ بل قولوا: سمعنا وأطعنا غفرانك ربنا وإليك المصير. فلما قرأها القوم وذلت بها ألسنتهم أنزل الله في إثرها { آمن الرسول بما أنزل إليه من ربه والمؤمنون كل آمن بالله وملائكته وكتبه ورسله لا نفرق بين أحد من رسله وقالوا سمعنا وأطعنا غفرانك ربنا وإليك المصير } فلما فعلوا ذلك نسخها الله فأنزل الله عزّ وجل: { لا يكلف الله نفساً إلا وسعها لها ما كسبت وعليها ما اكتسبت ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا } قال: نعم { ربنا ولا تحمل علينا إصراً كما حملته على الذين من قبلنا } قال: نعم، { ربنا ولا تحملنا ما لا طاقة لنا به } قال نعم { واعف عنا واغفر لنا وارحمنا أنت مولانا فانصرنا على القوم الكافرين } قال نعم. "


السابقالتالي
2 3 4 5 6 7 8 9 10  مزيد