الرئيسية - التفاسير


* تفسير غرائب القرآن و رغائب الفرقان/القمي النيسابوري (ت 728 هـ) مصنف و مدقق


{ تِلْكَ آيَاتُ ٱللَّهِ نَتْلُوهَا عَلَيْكَ بِٱلْحَقِّ وَإِنَّكَ لَمِنَ ٱلْمُرْسَلِينَ } * { تِلْكَ ٱلرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ مِّنْهُمْ مَّن كَلَّمَ ٱللَّهُ وَرَفَعَ بَعْضَهُمْ دَرَجَاتٍ وَآتَيْنَا عِيسَى ٱبْنَ مَرْيَمَ ٱلْبَيِّنَاتِ وَأَيَّدْنَاهُ بِرُوحِ ٱلْقُدُسِ وَلَوْ شَآءَ ٱللَّهُ مَا ٱقْتَتَلَ ٱلَّذِينَ مِن بَعْدِهِم مِّن بَعْدِ مَا جَآءَتْهُمُ ٱلْبَيِّنَاتُ وَلَـٰكِنِ ٱخْتَلَفُواْ فَمِنْهُمْ مَّنْ آمَنَ وَمِنْهُمْ مَّن كَفَرَ وَلَوْ شَآءَ ٱللَّهُ مَا ٱقْتَتَلُواْ وَلَـٰكِنَّ ٱللَّهَ يَفْعَلُ مَا يُرِيدُ } * { يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُوۤاْ أَنْفِقُواْ مِمَّا رَزَقْنَٰكُم مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَ يَوْمٌ لاَّ بَيْعٌ فِيهِ وَلاَ خُلَّةٌ وَلاَ شَفَاعَةٌ وَٱلْكَٰفِرُونَ هُمُ ٱلظَّٰلِمُونَ }

القراءات: { لا بيعَ فيه ولا خلة ولا شفاعة } بالفتح غير منون: أبو عمرو وسهل ويعقوب وابن كثير؛ الباقون: بالرفع والتنوين. وكذلك في سورة إبراهيم:لا بيع فيه ولا خلال } [الآية: 31] وكذلك في سورة الطور:لا لغو فيها ولا تأثيم } [الآية: 23].

الوقوف: بالحق ط للابتداء، بأن المرسلين 5 على بعض م؛ لأنه لو وصل صار الجار والمجرور صفة لبعض فينصرف بيان تفضيل الرسل إلى بعض، فيكون موسى عليه السلام من هذا البعض المفضَّل عليه غيره لا من البعض المفضَّل على غيره بالتكليم. درجات ط للعدول، القدس ط، من كفر ط، ما يريد، ولا شفاعة ط، الظالمون 5.

التفسير: { تلك } القصص المذكورة من حديث الألوف وإماتتهم ثم إحيائهم، ومن تمليك طالوت وظهور الآية التى هى إتيان التابوت، وغلبة الجبابرة على يد داود وهو صبي فقير؛ { آيات الله } الباهرة الدالة على كمال قدرته وحكمته ورحمته؛ { نتلوها عليك } بتلاوة جبرائيل وفيه تشريف عظيم لجبرائيل كقوله:إن الذين يبايعونك إنما يبايعون الله } [الفتح: 10] { بالحق } باليقين الذي لا يشك فيه أهل الكتاب لأنه في كتبهم كذلك من غير تفاوت، ولأن في تلاوتها حكمة شريفة وهي اعتبار المكلفين من أمتك ليحتملوا شدائد الجهاد كما/ احتملها الأمم السالفة، ولأنها تدل على نبوّتك من قبل أنها أخبار بالغيب لما فيها من الفصاحة والبلاغة. ثم أكّد ذلك بقوله: { وإنك لمن المرسلين } حيث تخبر بها من غير أن تعرف بقراءة ودراسة، وفيه أيضاً تسلية للنبي صلى الله عليه وسلم فيما يراه من الكفار وأهل النفاق من الخلاف والشقاق كما رآه الرسل قبله، فالمصيبة إذا عمت طابت. ولمثل هذا كرر فقال: { تلك الرسل } أي الذين تعرفهم وأنت من جملتهم { فضلنا بعضهم على بعض منهم من كلم الله } فضله الله بأن كلمه الله من غير سفير وهو موسى عليه السلام { ورفع بعضهم درجات } قيل إن { درجات } نصب بنزع الخافض، وقيل رفع لبعضهم كقوله:ورفعناه مكاناً علياً } [مريم: 57] أي له، وقيل حال من بعضهم أي ذا درجات، وقيل مصدر في موضع الحال، وقيل انتصابه على المصدر لأن الدرجة بمعنى الرفعة فكأنه قال: ورفعنا بعضهم رفعات. وأيَّد عيسى بروح القدس ومع ذلك قد نالهم من قومهم ما ذكرناه لك بعد مشاهدة المعجزات وأنت رسول مثلهم، فلا تحزن على ما ترى من قومك ولو شاء الله لم يختلف أمم أولئك، ولكن ما قضاه الله فهو كائن وما قدره فهو واقع.

واعلم أن الأمة أجمعت على أن بعض الأنبياء أفضل من بعض، وعلى أن محمداً أفضل الكل لوجوه منها قوله تعالى:وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين } [الأنبياء: 107] ومنها قوله:ورفعنا لك ذكرك } [الشرح: 4] قرن ذكره بذكر محمد صلى الله عليه وسلم في كلمة الشهادة وفي الأذان وفي التشهد، ولم يكن ذلك لسائر الأنبياء؛ ومنها أنه قرن طاعته بطاعته:

السابقالتالي
2 3 4 5 6 7 8