الرئيسية - التفاسير


* تفسير غرائب القرآن و رغائب الفرقان/القمي النيسابوري (ت 728 هـ) مصنف و مدقق


{ حَافِظُواْ عَلَى ٱلصَّلَوَٰتِ وٱلصَّلَٰوةِ ٱلْوُسْطَىٰ وَقُومُواْ للَّهِ قَٰنِتِينَ } * { فَإنْ خِفْتُمْ فَرِجَالاً أَوْ رُكْبَاناً فَإِذَآ أَمِنتُمْ فَٱذْكُرُواْ ٱللَّهَ كَمَا عَلَّمَكُم مَّا لَمْ تَكُونُواْ تَعْلَمُونَ } * { وَٱلَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجاً وَصِيَّةً لأَزْوَاجِهِمْ مَّتَاعاً إِلَى ٱلْحَوْلِ غَيْرَ إِخْرَاجٍ فَإِنْ خَرَجْنَ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِي مَا فَعَلْنَ فِيۤ أَنْفُسِهِنَّ مِن مَّعْرُوفٍ وَٱللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ } * { وَلِلْمُطَلَّقَاتِ مَتَاعٌ بِٱلْمَعْرُوفِ حَقّاً عَلَى ٱلْمُتَّقِينَ } * { كَذَلِكَ يُبَيِّنُ ٱللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ }

القراءات: { وصية } بالنصب: أبو عمر وابن عامر وحمزة وحفص ويعقوب غير روبس. الباقون بالرفع.

الوقوف: { قانتين } ه { أو ركباناً } ج لأن " إذا " في معنى الشرط مع فاء التعقيب { تعلمون } ه { أزواجاً } ج لانقطاع النظم ومكان الحذف لأن التقدير فعليهم وصية أو فليوصوا وصية، والوصل أجوز لاتصال المعنى فإن وصية أو وصية قام مقام خبر المبتدأ. { إخراج } ج { من معروف } ط { حكيم } ه { بالمعروف } ط { المتقين } ه { تعقلون }.

التفسير: الحكم السابع عشر: الصلاة، وذلك أنه سبحانه لما بين للمكلفين ما بين من معالم الدين وشعائر اليقين أعقبها بذكر الصلاة التي تفيد انكسار القلب من هيبة الله تعالى وزوال التمرد وحصول الانقياد لأوامره والانتهاء عن مناهيه تحصيلاً لسعادة الطرفين وتكميلاً لمصالح الدارين. وقد أجمع المسلمون على أن الصلوات المكتوبة خمس، وفي الآية إشارة إلى ذلك لأن الصلوات جمع فأقلها ثلاث، والصلاة الوسطى تدل على شيء زائد والإلزام التكرار، وذلك الزائد لو كان الرابع لم يكن للمجموع وسطى فلا أقل من خمسة. والمراد بمحافظتها رعاية جميع شرائطها من طهارة البدن والثوب والمكان، ومن ستر العورة واستقبال القبلة والإتيان بأركانها وأبعاضها وهيآتها والاحتراز عن مفسداتها من أعمال القلب وأعمال اللسان والجوارح. ومعنى المفاعلة في المحافظة إما لأنها بين العبد والرب كأنه قيل: احفظ الصلاة يحفظك الإله الذي أمرك بالصلاة كقولهفاذكروني أذكركم } [البقرة: 152] وفي الحديث " احفظ الله يحفظك " وإما لأنها بين المصلي والصلاة فمن حفظ الصلاة حفظته الصلاة عن المناهيإن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر } [العنكبوت: 45] وحفظته عن الفتن والمحنواستعينوا بالصبر والصلاة } [البقرة: 45] وكيف لا وفي الصلاة القراءة والقرآن شافع مشفع. في الخبر " تجيء البقرة وآل عمران كأنهما غمامتان فتشهدان وتشفعان " و " إن سورة الملك تصرف عن المتهجد بها عذاب القبر وتجادل عنه في الحشر وتقف في الصراط عند قدميه وتقول للنار لا سبيل لك عليه ".

وفي الصلاة الوسطى سبعة أقوال: الأول: أنه تعالى أمرنا بالمحافظة على الصلاة الوسطى ولم يبين لنا أنها أي الصلوات. وما يروى من أخبار الآحاد لا معوّل عليها فيجب أن تؤدى كلها على نعت الكمال والتمام، ولعل هذا هو الحكمة في إبهامها، ولمثل ذلك أخفى الله تعالى ليلة القدر في ليالي رمضان، وساعة الإجابة في يوم الجمعة، واسمه الأعظم في أسمائه، ووقت الموت في الأوقات ليكون المكلف خائفاً عازاماً على التوبة في كل الأوقات، وهذا القول اختاره جمع من العلماء، عن محمد بن سيرين أن رجلاً سأل زيد بن ثابت عن الصلاة الوسطى فقال: حافظ على الصلوات كلها تصبها. وعن الربيع: أرأيت لو علمتها بعينها أكنت محافظاً عليها ومضيعاً سائرهن؟ قال السائل: لا.

السابقالتالي
2 3 4 5 6 7