الرئيسية - التفاسير


* تفسير غرائب القرآن و رغائب الفرقان/القمي النيسابوري (ت 728 هـ) مصنف و مدقق


{ وَأَتِمُّواْ ٱلْحَجَّ وَٱلْعُمْرَةَ للَّهِ فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا ٱسْتَيْسَرَ مِنَ ٱلْهَدْيِ وَلاَ تَحْلِقُواْ رُؤُوسَكُمْ حَتَّىٰ يَبْلُغَ ٱلْهَدْيُ مَحِلَّهُ فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضاً أَوْ بِهِ أَذًى مِّن رَّأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِّن صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ فَإِذَآ أَمِنتُمْ فَمَن تَمَتَّعَ بِٱلْعُمْرَةِ إِلَى ٱلْحَجِّ فَمَا ٱسْتَيْسَرَ مِنَ ٱلْهَدْيِ فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ فِي ٱلْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ تِلْكَ عَشَرَةٌ كَامِلَةٌ ذٰلِكَ لِمَن لَّمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي ٱلْمَسْجِدِ ٱلْحَرَامِ وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَٱعْلَمُواْ أَنَّ ٱللَّهَ شَدِيدُ ٱلْعِقَابِ }

القراءات: { من رأسه } وكذلك " البأس " و " الكأس " كلها بغير همزة أبو عمرو غير شجاع ويزيد والأعشى وحمزة في الوقف.

الوقوف: { لله } ط لأن عارض الإحصار خارج عن موجب الأصل { من الهدى } ج لعطف المختلفتين { محله } ط لابتداء حكم كفارة الضرورة { أو نسك } ج لأن " إذا " للشرط مع الفاء وجوابه محذوف أي فإذا أمنتم من خوف العدو وضعف المرض فامضوا. أمنتم وقف لحق الحذف ولابتداء الشرط في حكم آخر وهو التمتع { من الهدى } ج { رجعتم } ط { كاملة } ط { الحرام } ط { العقاب } ه.

التفسير: الحج في اللغة القصد كما مر في قولهفمن حج البيت أو اعتمر } [البقرة: 158] وفي الشرع عبارة عن أفعال مخصوصة. وهي على ثلاثة أقسام: أركان وأبعاض وهيئات. لأن كل عمل يفرض فيه فإما أن يتوقف التحلل عليه وهو الركن، أو لا يتوقف. فإما أن يجبر بالدم وهو البعض، أو لا يجبر وهو الهيئة. والأركان عند الشافعي خمسة: الإحرام والوقوف بعرفة والطواف بالبيت والسعي بين الصفا والمروة وحلق الرأس أو تقصيره. وخالف أبو حنيفة في السعي، ولا مدخل للجبران في الأركان. وأما الأبعاض أعني الواجبات المجبورة بالدم، فالإحرام من الميقات والرمي وفاقاً وفي الوقوف بعرفة إلى أن تغرب الشمس وفي المبيت بمزدلفة والمبيت بمنى، وفي طواف الوداع خلاف. وأما الهيئات فالاغتسال وطواف القدوم والرمي والاضطباع في الطواف وفي السعي واستلام الركن وتقبيله والسعي في موضع السعي والمشي في موضع المشي والخطب والأذكار والأدعية إلى غير ذلك. وبالجملة ما سوى الأركان والأبعاض ولا دم في تركها. وأما في العمرة فما سوى الوقوف من أركان الحج أركان فيها. ثم إن قوله عز من قائل: { وأتموا } أمر بالإتمام. وهل هذا الأمر مطلق أو مشروط؟ فالشافعي على أنه مطلق والمعنى: افعلوا الحج والعمرة على نعت التمام والكمال. وأبو حنيفة على أنه مشروط والمعنى: من شرح فيه فليتمه كما إذا كبر بالصلاة تطوعاً لزمه الإتمام. وفائدة الخلاف تظهر في العمرة فإنها تصير واجبة على المعنى الأول دون الثاني. حجة الشافعي أن الإتمام قد يراد به فعل الشيء تاماً كاملاً كقولهوإذ ابتلى إبراهيم ربه بكلمات فأتمهن } [البقرة: 124] أي أدّاهن على التمام والكمال. وقولهثم أتموا الصيام إلى الليل } [البقرة: 187] أي افعلوا الصيام تاماً إلى الليل وهذا أولى من تقدير أنكم إذا شرعتم فيه فأتموه، لأن الأصل عدم إضمار هذا الشرط، ولأن المفسرين أجمعوا على أن هذه أول آية نزلت في الحج، فحملها على الإيجاب ليكون تأسيساً أولى من حملها على الإتمام بشرط الشروع، فإنها تكون حينئذ تبعاً، ولأنه قرئ { وأقيموا الحج والعمرة } والشاذ يصلح للترجيح وإن لم يصلح للقطع كخبر الواحد، ولأن الوجوب المطلق يستلزم الإتمام، والإتمام بشرط الشروع لا يستلزم أصل الوجوب.

السابقالتالي
2 3 4 5 6 7 8 9 10  مزيد