القراءات: { خاف } بالإمالة حيث كان: حمزة. { موصٍ } بالتشديد: يعقوب وحمزة وعلي وخلف وعاصم غير حفص وجبلة الباقون: بالتخفيف من الإيصاء. الوقوف: { خيراً } ج لأن قوله { الوصية } مفعول { كتب } وإنما لم يؤنث الفعل لتقدمه ولاعتراض ظرف وشرط بينهما، أو " الوصية " مبتدأ " وللوالدين " خبره، ومفعول " كتب " محذوف أي كتب عليكم أن توصوا. ثم بين لمن الوصية والوصل أولى لئلا يحتاج إلى الحذف. { بالمعروف } ح لأن التقدير حق ذلك حقاً أو كتب الوصية حقاً. { المتقين } ط وإن كان بعدها فاء التعقيب لأنه حكم آخر { يبدلونه } ط عليم كذلك { عليه } ط { رحيم } (ه). التفسير: وهذا حكم آخر. قوله { كتب عليكم } يقتضي الوجوب كما مر. والمراد من حضور الموت ليس معاينة الموت لأنه في ذلك الوقت يكونه عاجزاً عن الإيصاء والأكثرون قالوا: المراد ظهور أمارة الموت وهو المرض المخوف كما يقال لمن قارب البلد: إنه وصل. وعن الأصم: المراد فرض عليكم في حال الصحة الوصية بأن تقولوا إذا حضرنا الموت فافعلوا كذا، وزيف بأنه ترك للظاهر. ولا شك أن الخير قد ورد في القرآن بمعنى المال{ وما تنفقوا من خير } [البقرة: 272]{ وإنه لحب الخير لشديد } [العاديات: 8]{ من خير فقير } [القصص: 24] لكن الأئمة اختلفوا في المراد بالخير ههنا بعد اتفاقهم على أنه المال. فعن الزهري: أنه المال مطلقاً قليلاً كان أو كثيراً بدليل قوله{ من خير فقير } [القصص: 24]{ فمن يعمل مثقال ذرة خيراً يره } [الزلزلة: 7] وأنه تعالى اعتبر أحكام المواريث فيما يبقى من المال قل أم كثر قال تعالى{ وللنساء نصيبٌ مما ترك الولدان والأقربون مما قل منه أو كثر نصيباً مفروضاً } [النساء: 7] فكذا الوصية، ولأن كل ما ينتفع به فهو خير. والأكثرون على أن لفظ الخير في الآية مختص بالمال الكثير كما لو قيل " فلان ذو مال " يفهم منه أن ماله قد جاوز حد أهل الحاجة وإن كان اسم المال يقع في الحقيقة على ما يتموله الإنسان من قليلٍ أو كثير. وكما إذا قيل " فلان في نعمة من الله تعالى " فإنه يراد تكثير النعمة وإن كان أحد لا ينفك عن نعمة الله وهو باب من المجاز مشهور ينفون الاسم عن الشيء لنقصه ومن قوله صلى الله عليه وسلم " لا صلاة لجار المسجد إلا في المسجد " ولو كانت الوصية واجبة في كل ما يترك لم يكن لقوله { إن ترك خيراً } فائدة لندرة من يموت فاقداً أقل ما يتمول. ثم القائلون بهذا اختلفوا في أن المسمى بالخير في الآية مقدر بمقدار معين أم لا. فمنهم من قال: إنه غير مقدّر ويختلف ذلك باختلاف حال الرجل.