الرئيسية - التفاسير


* تفسير غرائب القرآن و رغائب الفرقان/القمي النيسابوري (ت 728 هـ) مصنف و مدقق


{ وَإِذِ ٱبْتَلَىٰ إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَاماً قَالَ وَمِن ذُرِّيَّتِي قَالَ لاَ يَنَالُ عَهْدِي ٱلظَّالِمِينَ } * { وَإِذْ جَعَلْنَا ٱلْبَيْتَ مَثَابَةً لِّلنَّاسِ وَأَمْناً وَٱتَّخِذُواْ مِن مَّقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى وَعَهِدْنَآ إِلَىٰ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ أَن طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَٱلْعَاكِفِينَ وَٱلرُّكَّعِ ٱلسُّجُودِ } * { وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ ٱجْعَلْ هَـٰذَا بَلَداً آمِناً وَٱرْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ ٱلثَّمَرَاتِ مَنْ آمَنَ مِنْهُمْ بِٱللَّهِ وَٱلْيَوْمِ ٱلآخِرِ قَالَ وَمَن كَفَرَ فَأُمَتِّعُهُ قَلِيلاً ثُمَّ أَضْطَرُّهُ إِلَىٰ عَذَابِ ٱلنَّارِ وَبِئْسَ ٱلْمَصِيرُ }

القراءات: { إبراهام } بالألف في البقرة والنساء إلا { فقد آتينا آل إبراهيم } وفي الأنعام { ملة إبراهام } وفي جميع براءة إلا { وقوم إبراهيم } وفي إبراهيم { وإذ قال إبراهام } وفي النحل ومريم والعنكبوت { ولما جاءت رسلنا إبراهام } خاصة وفي " حم عَسَقَ " وجميع المفصل وإلا قوله في المودة { إلا قول إبراهيم } وفي الأعلى { صحف إبراهيم } هشام وابن ذكوان وروى ابن مجاهد في هذه السورة فقط. (واعلم) أن ذكر إبراهيم في القرآن تسعة وستون موضعاً منها ثلاثة وثلاثون " إبراهام " بالألف في قراءة ابن عامر عن ابن ذكوان، وستة وثلاثون " إبراهيم " بالياء، والعلة في ذلك اتباع مصحفهم. فما كتب بالألف قرئ بالألف، وما كتب بالياء قرئ بالياء، والاختيار عند الأئمة أن يقرأ ههنا بالألف لبيان المذهب والبواقي بالياء، لأنه أحسن في اللفظ وأشهر، ويوافقه سائر الأسماء الأعجمية كإسرائيل وإسرافيل وإسماعيل { عهدي } مرسلة الياء: حمزة وحفص { وإذ جعلنا } وبابه مدغمة الذال في الجيم: أبو عمرو وهشام { بيتي } بالفتح: أبو جعفر ونافع. وحفص وهشام { واتخذوا } بفتح الخاء: نافع وابن عامر الباقون بالكسر { فأمتعه } خفيفاً ابن عامر. الباقون بالتشديد.

الوقوف: { فأتمهن } (ط) { إماماً } (ط) { ذريتي } (ط) { الظالمين } (ه) { وأمنا } (ط) لمن قرأ { واتخذوا } بالكسر لاعتراض الأمر بين ماضيين { مصلى } (ط) كذلك ومن فتح الخاء نسق الأفعال الثلاثة فلا وقف { السجود } (ه) { واليوم الآخر } (ط) { عذاب النار } (ط) لأن " نعم " و " بئس " للمبالغة في المدح والذم فيبتدئ بهما تنبيهاً على المدح والذم { المصير } (ه).

التفسير: إنه تعالى لما استقصى في شرح نعمه على بني إسرائيل والمشركين ومقابلتهم النعمة بالكفران والعناد، شرع في نوع آخر من البيان وهو ذكر قصة إبراهيم عليه السلام لأن كلهم معترفون بفضله وأنهم من أولاده ومن ساكني حرمه وخدام بيته، وفي قصته أمور توجب الاعتراف بدين محمد صلى الله عليه وسلم والانقياد لشرعه منها: أنه أمر ببعض التكاليف ثم وفى بها فنال منصب الاقتداء به، فيعلم أن الخيرات كلها لا تحصل إلا بترك التمرد والانقياد لحكم الله والتزام تكاليفه، ومنها أنه طلب الإمامة لذريته فقيل له { لا ينال عهدي الظالمين } فيعرف أن طالب الحق يجب أن يترك التعصب والمراء ووضع ما رفعه الله لينال رياسة الدارين، ومنها أن القبلة لما حولت إلى الكعبة شق ذلك على اليهود فأريد إزالة غيظهم بأن هذا البيت قبلة إبراهيم الذي اعترفوا بتعظيمه والاقتداء به، ومنها أنه دعا بإرسال نبي من ذريته وهو محمد صلى الله عليه وسلم كما يجيء فيجب على من يعترف بإبراهيم أن يعترف بمحمد صلى الله عليه وسلم. أما قوله { وإذ ابتلى } العامل في " إذ " إما مضمر نحو " واذكر " وتكون بمعنى الوقت فقط، أو وإذ ابتلى كان كيت وكيت، وإما { قال إني جاعلك للناس إماماً } وعلى هذين التقديرين تكون ظرفاً لكان أو قال.

السابقالتالي
2 3 4 5 6 7 8 9 10  مزيد