الرئيسية - التفاسير


* تفسير غرائب القرآن و رغائب الفرقان/القمي النيسابوري (ت 728 هـ) مصنف و مدقق


{ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ بِٱلْحَقِّ بَشِيراً وَنَذِيراً وَلاَ تُسْأَلُ عَنْ أَصْحَابِ ٱلْجَحِيمِ } * { وَلَنْ تَرْضَىٰ عَنكَ ٱلْيَهُودُ وَلاَ ٱلنَّصَارَىٰ حَتَّىٰ تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ قُلْ إِنَّ هُدَى ٱللَّهِ هُوَ ٱلْهُدَىٰ وَلَئِنِ ٱتَّبَعْتَ أَهْوَآءَهُمْ بَعْدَ ٱلَّذِي جَآءَكَ مِنَ ٱلْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ ٱللَّهِ مِن وَلِيٍّ وَلاَ نَصِيرٍ } * { ٱلَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ ٱلْكِتَـٰبَ يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلاَوَتِهِ أُوْلَـٰئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَمن يَكْفُرْ بِهِ فَأُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلْخَٰسِرُونَ } * { يَابَنِي إِسْرَائِيلَ ٱذْكُرُواْ نِعْمَتِيَ ٱلَّتِيۤ أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَنِّي فَضَّلْتُكُمْ عَلَى ٱلْعَالَمِينَ } * { وَٱتَّقُواْ يَوْماً لاَّ تَجْزِي نَفْسٌ عَن نَّفْسٍ شَيْئاً وَلاَ يُقْبَلُ مِنْهَا عَدْلٌ وَلاَ تَنفَعُهَا شَفَاعَةٌ وَلاَ هُمْ يُنصَرُونَ }

القراءات: { ولا تسئل } على النهي: نافع ويعقوب. الباقون بضم التاء ورفع اللام على الخبر.

الوقوف: { ونذيراً } (لا) للعطف أي نذيراً وغير مسؤول إلا لمن قرأ { ولا تسئل } على النهي لاختلاف الجملتين { الجحيم } (ه) { ملتهم } (ط) { الهدى } (ط) { من العلم } (لا) لأن نفي الولاية والنصرة يتعلق بشرط اتباع أهوائهم فكان في الإطلاق حظر { نصير } (ه) { تلاوته } (ط) لأن ما بعدها مبتدأ آخر مع خبره. وعندي أن الأصوب عدم الوقف لتكون الجملة أعني يتلونه حالاً من مفعول آتينا أو من فاعله مقدرة وقوله { أولئك يؤمنون به } الجملة خبر " الذين " لأن الإخبار عن أهل الكتاب مطلقاً بأنهم يتلونه حق تلاوته لا يصح، اللهم إلا أن يحمل الكتاب على القرآن كما يجيء { يؤمنون به } (ط) للابتداء بالشرط { الخاسرون } (ه) { العالمين } (ه) { ينصرون } (ه).

التفسير: لما بين غاية إصرارهم على العناد وتصميمهم على الكفر بعد نزول ما يكفي في باب الاقتداء والاهتداء من الآيات البينات، أراد أن يسلي ويسري عن رسوله لئلا يضيق صدره فقال إنا أرسلناك يا محمد بالحق. والصواب حسب ما تقتضيه الحكمة وهو أن لا يكون لك أن تجبرهم على الإيمان بل لا يتجاوز حالك عن أن تكون بشيراً لمن اتبعك بكل خبر ونذيراً لمن خالفك بكل سوءفلا تذهب نفسك عليهم حسرات } [فاطر: 8] فإنك غير مسؤول عن أصحاب الجحيم وهو من أسماء النار، وكل نار عظيمة في مهواة فهي جحيم من قوله تعالىقالوا ابنوا له بنياناً فألقوه في الجحيم } [الصافات: 97] والجاحم المكان الشديد الحر، وهذا كقولهفإنما عليك البلاغ وعلينا الحساب } [الرعد: 40] وأما قراءة النهي فيروى أنه قال: ليت شعري ما فعل أبواي فنهي عن السؤال عن أحوال الكفرة والاهتمام بأعداء الله. وفي هذه الرواية بُعْدٌ، لأن سياق الكلام ينبو عن ذلك، ولأنه صلى الله عليه وسلم مع علمه الإجمالي بحال الكفار، كيف يتمنى ذلك؟ والأقرب أن معناه تعظيم ما وقع فيه الكفار من المحن كما إذا سألت عمن وقع في بلية فيقال لك لا تسأل عنه، فكان المسؤول يحرج أن يجري على لسانه ما هو فيه لفظاعته، أو يرى أنك لا تقدر على استماع خبره لأنه يورث الوحشة والضجر. وقوله { ولن ترضى } فيه إقناط لرسول الله صلى الله عليه وسلم عن إسلامهم وأن القوم قد بلغوا من التصميم على ما هم فيه إلى حد لا يقنعون بالكفاف ولا يرضون رأساً برأس، بل يريدون منك عكس ما تطمع منهم زاعمين أن ملتهم التي حان نسخها هي الهدى { قل إن هدى الله } الذي هو الإسلام { هو الهدى } الحق ليس وراءه هدى لأنه ناسخ للأديان كلها { ولو اتبعت أهواءهم } مشتهياتهم وآراءهم الباطلة المنسوخة { بعد الذي جاءك من العلم } بأمر الديانة لوضوح البراهين وسطوع الدلائل { ما لك من الله } من عقابه وسخطه { من ولي } معين يعصمك { ولا نصير } يذب عنك.

السابقالتالي
2