الرئيسية - التفاسير


* تفسير غرائب القرآن و رغائب الفرقان/القمي النيسابوري (ت 728 هـ) مصنف و مدقق


{ وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ مَّنَعَ مَسَاجِدَ ٱللَّهِ أَن يُذْكَرَ فِيهَا ٱسْمُهُ وَسَعَىٰ فِي خَرَابِهَآ أُوْلَـٰئِكَ مَا كَانَ لَهُمْ أَن يَدْخُلُوهَآ إِلاَّ خَآئِفِينَ لَّهُمْ فِي ٱلدُّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي ٱلآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ } * { وَللَّهِ ٱلْمَشْرِقُ وَٱلْمَغْرِبُ فَأَيْنَمَا تُوَلُّواْ فَثَمَّ وَجْهُ ٱللَّهِ إِنَّ ٱللَّهَ وَاسِعٌ عَلِيمٌ } * { وَقَالُواْ ٱتَّخَذَ ٱللَّهُ وَلَداً سُبْحَـٰنَهُ بَل لَّهُ مَا فِي ٱلسَّمَـٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ كُلٌّ لَّهُ قَانِتُونَ } * { بَدِيعُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ وَإِذَا قَضَىٰ أَمْراً فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ } * { وَقَالَ ٱلَّذِينَ لاَ يَعْلَمُونَ لَوْلاَ يُكَلِّمُنَا ٱللَّهُ أَوْ تَأْتِينَآ آيَةٌ كَذَلِكَ قَالَ ٱلَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ مِّثْلَ قَوْلِهِمْ تَشَابَهَتْ قُلُوبُهُمْ قَدْ بَيَّنَّا ٱلآيَاتِ لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ }

القراءات: { قالوا اتخذ الله } بلا واو العطف: ابن عامر اتباعاً لمصاحف أهل الشام { كن فيكون } بالنصب كل القرآن: ابن عامر إلا قوله { كن فيكون الحق } في آل عمران، و { كن فيكون قوله الحق } في الأنعام. وافقه الكسائي في النحل ويس.

الوقوف: { خرابها } (ط) للفصل بين الاستفهام والخبر { خائفين } ط لأن ما بعده إخبار وعيد مبتدأ منتظر { عظيم } (ه) { وجه الله } (ط) { عليم } (ه) { وإذا } (لا) تعجيلاً للتنزيه { سبحانه } (ط) { والأرض } (ط) لأن ما بعده مبتدأ { قانتون } (ه) { والأرض } (ط) لأن إذا أجيبت بالفاء وكانت للشرط { فيكون } (ه) { آية } (ط) { قلوبهم } (ط) لأن قد لتوكيد الاستئناف { يوقنون } (ه).

التفسير: عن ابن عباس أن ملك النصارى غزا بيت المقدس فخربه وألقى فيه الجيف وحاصر أهله وقتلهم وسبى الذرية وأحرق التوراة، ولم يزل خراباً حتى بناه أهل الإسلام في زمان عمر فنزلت الآية فيهم. وعن الحسن وقتادة والسدي نزلت في بختنصر حيث خرب بيت المقدس وأعانه على ذلك بعض النصارى. ورد بأن بختنصر كان قبل مولد المسيح بزمان. وقيل: نزلت في مشركي العرب الذين منعوا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الدعاء إلى الله بمكة ألجأوه إلى الهجرة، فصاروا مانعين له ولأصحابه أن يذكروا الله في المسجد الحرام. وقيل: المراد منع المشركين رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يدخل المسجد الحرام عام الحديبية. ووجه اتصال الآية بما قبلها على القولين الأولين. هو أن النصارى ادعوا أنهم من أهل الجنة فقط، فبين أنهم أظلم منهم فكيف يدخلون الجنة؟ وعلى الآخرين هو أنه جرى ذكر مشركي العرب في قوله { كذلك قال الذين لا يعلمون } فعقب ذلك بسائر قبائحهم و " من " استفهامية لتقرير النفي أي ليس أحد أظلم ممن منع و { أن يذكر } ثاني مفعوليه لأنك تقول: منعته كذا أو بدل من { مساجد } أو حذف حرف الجر مع أن والتقدير كراهة أن يذكر فيكون مفعولاً له.

وهذا حكم عام لجنس مساجد الله، وأن مانعها من ذكر الله تعالى مفرط في الظلم، ولا بأس أن يجيء الحكم عاماً وإن كان السبب خاصاً كما تقول لمن آذى صالحاً واحداً من أظلم ممن آذى الصالحين؟ ومثلهويل لكل همزة لمزة } [الهمزة: 1] والمنزول فيه الأخنس بن شريق. وينبغي أن يراد بمن منع العموم أيضاً لا الذين منعوا من أولئك النصارى أو المشركين بأعيانهم والسعي في خراب المساجد بانقطاع الذكر أو تخريب البنيان قيل: إن قوله { ومن أظلم } الذي هو في قوة ليس أحد أظلم ليس على عمومه لأن الشرك أعظم من هذا الفعلإن الشرك لظلم عظيم } [لقمان: 13] وكذا الزنا وقتل النفس قلت: أما استعمال لفظ الظلم في هذا المعنى في غاية الحسن، لأن المسجد موضوع لذكر الله تعالى فيه، فالمانع من ذلك واضع للشيء في غير موضعه.

السابقالتالي
2 3 4 5 6 7 8 9 10