الرئيسية - التفاسير


* تفسير غرائب القرآن و رغائب الفرقان/القمي النيسابوري (ت 728 هـ) مصنف و مدقق


{ وَلَوْ يُؤَاخِذُ ٱللَّهُ ٱلنَّاسَ بِظُلْمِهِمْ مَّا تَرَكَ عَلَيْهَا مِن دَآبَّةٍ وَلٰكِن يُؤَخِّرُهُمْ إلَىٰ أَجَلٍ مُّسَمًّىٰ فَإِذَا جَآءَ أَجَلُهُمْ لاَ يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلاَ يَسْتَقْدِمُونَ } * { وَيَجْعَلُونَ لِلَّهِ مَا يَكْرَهُونَ وَتَصِفُ أَلْسِنَتُهُمُ ٱلْكَذِبَ أَنَّ لَهُمُ ٱلْحُسْنَىٰ لاَ جَرَمَ أَنَّ لَهُمُ ٱلْنَّارَ وَأَنَّهُمْ مُّفْرَطُونَ } * { تَٱللَّهِ لَقَدْ أَرْسَلْنَآ إِلَىٰ أُمَمٍ مِّن قَبْلِكَ فَزَيَّنَ لَهُمُ ٱلشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَهُوَ وَلِيُّهُمُ ٱلْيَوْمَ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ } * { وَمَآ أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ ٱلْكِتَابَ إِلاَّ لِتُبَيِّنَ لَهُمُ ٱلَّذِي ٱخْتَلَفُواْ فِيهِ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ } * { وَٱللَّهُ أَنْزَلَ مِنَ ٱلْسَّمَآءِ مَآءً فَأَحْيَا بِهِ ٱلأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَآ إِنَّ فِي ذٰلِكَ لآيَةً لِقَوْمٍ يَسْمَعُونَ } * { وَإِنَّ لَكُمْ فِي ٱلأَنْعَامِ لَعِبْرَةً نُّسْقِيكُمْ مِّمَّا فِي بُطُونِهِ مِن بَيْنِ فَرْثٍ وَدَمٍ لَّبَناً خَالِصاً سَآئِغاً لِلشَّارِبِينَ } * { وَمِن ثَمَرَاتِ ٱلنَّخِيلِ وَٱلأَعْنَابِ تَتَّخِذُونَ مِنْهُ سَكَراً وَرِزْقاً حَسَناً إِنَّ فِي ذٰلِكَ لآيَةً لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ } * { وَأَوْحَىٰ رَبُّكَ إِلَىٰ ٱلنَّحْلِ أَنِ ٱتَّخِذِي مِنَ ٱلْجِبَالِ بُيُوتاً وَمِنَ ٱلشَّجَرِ وَمِمَّا يَعْرِشُونَ } * { ثُمَّ كُلِي مِن كُلِّ ٱلثَّمَرَاتِ فَٱسْلُكِي سُبُلَ رَبِّكِ ذُلُلاً يَخْرُجُ مِن بُطُونِهَا شَرَابٌ مُّخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ فِيهِ شِفَآءٌ لِلنَّاسِ إِنَّ فِي ذٰلِكَ لآيَةً لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ } * { وَٱللَّهُ خَلَقَكُمْ ثُمَّ يَتَوَفَّاكُمْ وَمِنكُم مَّن يُرَدُّ إِلَىٰ أَرْذَلِ ٱلْعُمُرِ لِكَيْ لاَ يَعْلَمَ بَعْدَ عِلْمٍ شَيْئاً إِنَّ ٱللَّهَ عَلِيمٌ قَدِيرٌ }

القراءات: { لا جرم } في المد مثللا ريب فيه } [البقرة: 2] { مفرطون } بكسر الراء المشددة: يزيد { مفرطون } بكسر الراء المخففة: نافع وقتيبة. الباقون بفتحها مخففة. { نسقيكم } بفتح النون: نافع وابن عامر وسهل ويعقوب وأبو بكر وحماد. الآخرون بضمها.

الوقوف: { مسمى } ج للظرف مع الفاء { ولا يستقدمون } ه { الحسنى } ط { وقيل علي } لا ثم يبدأ بجرم وهو تكلف. { مفرطون } ه { أليم } ه { فيه } لا للعطف على موضع { لتبين } تقديره إلا تبياناً وهدى { يؤمنون } ه { موتها } ط { يسمعون } ه { لعبرة } ط لأنه لو وصل اشتبه ما بعده بالوصف { للشاربين } ه { حسناً } ط { يعقلون } ه { يعرشون } ه ج للعطف { ذللاً } ط للعدول { للناس } ط { يتفكرون } ه { شيئاً } ط { قدير } ه.

التفسير: لما حكى عن القوم عظيم كفرهم وفظيع قولهم بين غاية كرمه وسعة رحمته حيث إنه لا يعاجلهم بالعقوبة فقال: { ولو يؤاخذ الله الناس بظلمهم } الآية. فزعم بعض الطاعنين في عصمة الأنبياء أنه أضاف الظلم إلى ضمير الناس والأنبياء من جملة الناس فوجب أن يكونوا ظالمين عاصين ويؤكد هذا قوله: { ما ترك عليها من دابة } فإنه لو لم يصدر من الأنبياء ذنب لم يكن لإفنائهم وجه وحينئذ لم يصدق أنه لم يبق على الأرض واحد. والجواب لا نسلم عموم الناس في الآية لقوله سبحانه في موضع آخرفمنهم ظالم لنفسه ومنهم مقتصد ومنهم سابق بالخيرات } [لقمان: 32] ولا ريب أن المقتصدين والسابقين ليسوا ظالمين، فإذن المراد بالناس إما كل العصاة الذين استحقوا العقاب، أو الذين تقدم ذكرهم من المشركين. وأما قوله: { من دابة } فعن ابن عباس أنه أراد من مشرك يدب عليها نظيره قوله:إن شر الدواب عند الله الذين كفروا } [الأنفال: 55] ولو سلم أن المراد بها كل من يدب عليها فلعل الهلاك في حق الظلمة يكون عذاباً وفي غيرهم امتحاناً فقد وقعت هذه الواقعة في زمان نوح عليه السلام. وأيضاً من المعلوم أنه لا أحد إلا وفي آبائه من يستحق العذاب، فلو أهلكوا لبطل نسلهم ولأدى إلى إفناء الناس، بل الدواب كلها لأن الدواب مخلوقة لمنافع العباد ومصالحهم. عن أبي هريرة أنه سمع رجلاً يقول: إن الظالم لا يضر إلا نفسه فقال: بلى والله حتى إن الحبارى لتموت في وكرها بظلم الظالم. وعن ابن مسعود: كاد الجعل يهلك في جحره بذنب ابن آدم. وقيل: لو يؤاخذهم لانقطع القطر وفي انقطاعه انقطاع النبت وفي انقطاع النبت فناء الدواب. قالت المعتزلة: في الآية دلالة على أن الظلم والمعاصي ليست من أفعال الله تعالى وإلا لم يؤاخذهم بها فرضاً، ولم يضف الظلم إليهم ولم يذمهم على ذلك. وفي قوله: { بظلمهم } دليل على أن الظلم هو المؤثر في العقاب، فإن الباء للعلية.

السابقالتالي
2 3 4 5 6 7 8 9 10  مزيد