الرئيسية - التفاسير


* تفسير غرائب القرآن و رغائب الفرقان/القمي النيسابوري (ت 728 هـ) مصنف و مدقق


{ قُلْ يٰأَيُّهَا ٱلْكَافِرُونَ } * { لاَ أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ } * { وَلاَ أَنتُمْ عَابِدُونَ مَآ أَعْبُدُ } * { وَلاَ أَنَآ عَابِدٌ مَّا عَبَدتُّمْ } * { وَلاَ أَنتُمْ عَابِدُونَ مَآ أَعْبُدُ } * { لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ }

القراءات { عابدون } وما بعده بالإمالة قتيبة والحلواني عن هشام { ولي الدين } بالفتح: نافع غير إسماعيل وحفص والمفضل وهشام وزمعة عن ابن كثير { وديني } بالإسكان في الحالين: يعقوب وافق سهل وعباس في الوصل.

الوقوف: { الكافرون } ه لا { ما تعبدون } ه لا { أعبد } ه ج للتكرار مع العطف { عبدتم } ه لا { أعبد } ه ط { دين } ه.

التفسير: هذد السورة تسمى أيضاً سورة المنابذة وسورة الإخلاص والمقشقشة. وروي " من قرأها فكأنما قرأ ربع القرآن " فأوّلها العلماء بأن القرآن فيه مأمورات ومنهيات، وكل منهما إمّا أن يتعلق بالقلب والجوراح، وإما أن يتعلق بالجوارح، وهذه السورة تتضمن القسم الثالث أعني النهي المتعلق بالقلب فكانت ربعاً لما يتعلق بالتكاليف من القرآن بل ربعاً للقرآن لأن المقصود الأصلي من المواعظ والقصص وغيرها هو التزام التكاليف كما قال سبحانهوما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون } [الذاريات: 56] يروى أن الوليد بن المغيرة والعاص بن وائل والأسود بن عبد المطلب وأمية بن خلف قالوا لرسول الله صلى الله عليه وسلم تعال حتى نعبد إلهك مدّة وتعبد إلهنا مدّة فيحصل الصلح بيننا وبينك وتزول العداوة من بيننا، فإن كان أمرك رشيداً أخذنا منه حظاً، وإن كان أمرنا رشيداً أخذت منه حظاً فنزلت هذه السورة ونزل قولهقل أفغير الله تأمرونّي أعبد أيها الجاهلون } [الزمر: 64] فتارة وصفهم بالجهل وتارة خاطبهم بالكفر، فالجهل كالشجرة والكفر كالثمرة، ولكن الكفر أشنع من الجهل، فقد يكون الجهل غير ضارّ كما روي أنه صلى الله عليه وسلم قال في علم الأنساب " علم لا ينفع ولا يضر " ولهذا خصت السورة بهذا الخطاب لأنها بأسرها فيهم. وروي عن علي عليه السلام أن " يا " نداء النفس " و " أي " نداء القلب و " ها " نداء الروح. وبوجه آخر " يا " للغائب و " أي " للحاضر و " ها " للتنبيه. كان الله تعالى يقول أدعوك ثلاثاً ولا تجيبني مرة ما هذا إلا لجلهلك بحقي. ثم الخطاب مع جميع الكفار أو مع بعضهم، وعلى الأول يدخله التخصيص لا محالة لأن فيهم من يعبد الله كأهل الكتاب فلا يجوز أن يقول لهم { لا أعبد ما تعبدون } وفيهم من آمن بعد ذلك فلا يجوز أن يخبر عنهم بقوله { ولا أنتم عابدون ما أعبد } وعلى الثاني يكون خطاباً لبعض الكفرة المعهودين الحاضرين وهو الذين قالوا نعبد إلهك سنة وتعبد إلهنا سنة، ولا يلزم التخصيص فيكون أولى. أما ظاهر التكرار الذي وقع في هذه السورة ففيه قولان: أحدهما أنه للتأكيد وأىّ موضع أحوج إلى التأكيد من هذا المقام فإنهم رجعوا إلى النبي صلى الله عليه وسلم فيما طلبوا منه مراراً، وسكت الرسول صلى الله عليه وسلم عن الجواب فوقع في قلوبهم أنه قد مال إلى دينهم بعض الميل.

السابقالتالي
2