الرئيسية - التفاسير


* تفسير غرائب القرآن و رغائب الفرقان/القمي النيسابوري (ت 728 هـ) مصنف و مدقق


{ أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ ٱلْفِيلِ } * { أَلَمْ يَجْعَلْ كَيْدَهُمْ فِي تَضْلِيلٍ } * { وَأَرْسَلَ عَلَيْهِمْ طَيْراً أَبَابِيلَ } * { تَرْمِيهِم بِحِجَارَةٍ مِّن سِجِّيلٍ } * { فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَّأْكُولٍ }

الوقوف { الفيل } ه ط { تضليل } ه لا { أبابيل } ه لا { سجيل } ه لا { مأكول } ه.

التفسير: روي أن أبرهة ملك اليمن من قبل أصحمة النجاشي بني كنيسة بصنعاء وأراد أن يصرف إليها الحاج فخرج من كنانة فتغوط فيها ليلاً فأغضبه ذلك. وقيل: أججت رفقة من العرب ناراً فحملتها الريح فأحرقتها فحلف ليهدمنّ الكعبة، فخرج بجيشه ومعه فيل له اسمه محمود وكان قوياً عظيماً. وقيل: كان معه اثنا عشر فيلاً غيره. وقيل: ألف فيل، فلما بلغ قريباً من مكة خرج إليه عبد المطلب وعرض عليه ثلث أموال تهامة ليرجع فأبى وعبى جيشه وقدم الفيل، فكانوا كلما وجهوه إلى الحرم برك ولم يبرح، وإذا وجهوه إلى اليمن أو إلى غيره من الجهات هرول، فأرسل الله تعالى عليهم طيراً سوداً أو خضراً أو بيضاً أو بلقاً كالخطاطيف على اختلاف الأقاويل مع كل طير حجر في منقاره وحجران في رجليه أكبر من العدسة وأصغر من الحمصة. قال ابن عباس: إني رأيت منها عند أم هانىء نحو قفيز مخططة محمرة كالجزع الظفاري، وكان الحجر يقع على رأس الرجل فيخرج من دبره وعلى كل حجر اسم من يقع عليه، ففروا فهلكوا في كل طريق ومرض أبرهة فتساقطت أناملة وآرابه وما مات حتى انصدع صدره عن قلبه وانفلت وزيره أبو يكسوم وطائر يحلق فوقه حتى بلغ النجاشي فقص عليه القصة، فلما أتمها وقع عليه الحجر فخر ميتاً بين يديه. وعن عائشة رأيت قائد الفيل وسائسه أعميين مقعدين يستطعمان. قال أهل التاريخ: كان أبرهة جد النجاشي الذي عاصر رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان بين عام الفيل وبين المبعث نيف وأربعون سنة، وكان قد بقي بمكة جمع شاهدوا تلك الواقعة وقد بلغت حد التواتر حينئذ فما ذاك إلا إرهاص للرسول صلى الله عليه وسلم. وزعمت المعتزلة أنها كانت معجزة لنبي قبله كخالد بن سنان أو قس ابن ساعدة. ويروى أن أبرهة أخذ لعبد المطلب مائتي بعير فخرج إليه يطلبها وقل لأبرهة: هذا سيد قريش وصاحب عير مكة الذي يطعم الناس في السهل والوحوش في رؤوس الجبال. وكان عبد المطلب رجلاً جسيماً وسيماً فعظم في عين أبرهة، فلما ذكر حاجته قال: سقطت من عيني جئت لأهدم البيت الذي هو دينك ودين آبائك وعصمتكم وشرفكم من قديم الدهر فألهاك عنه ذود أخذ لك فقال: أنا رب الإبل وللبيت رب سيمنعه. ثم رجع وأتى باب البيت فأخذ بحلقته وهو يقول:
لا هم أن المرء يمـ     ـنع رحله فامنع حلالك
لا يغلبن صليبهم    ومحالهم عدواً ومحالك
الحلال جمع حل وهو الموضع الذي يحل فيه الناس والمحال المماكرة كقوله

السابقالتالي
2 3