الرئيسية - التفاسير


* تفسير غرائب القرآن و رغائب الفرقان/القمي النيسابوري (ت 728 هـ) مصنف و مدقق


{ ويْلٌ لِّكُلِّ هُمَزَةٍ لُّمَزَةٍ } * { ٱلَّذِى جَمَعَ مَالاً وَعَدَّدَهُ } * { يَحْسَبُ أَنَّ مَالَهُ أَخْلَدَهُ } * { كَلاَّ لَيُنبَذَنَّ فِي ٱلْحُطَمَةِ } * { وَمَآ أَدْرَاكَ مَا ٱلْحُطَمَةُ } * { نَارُ ٱللَّهِ ٱلْمُوقَدَةُ } * { ٱلَّتِي تَطَّلِعُ عَلَى ٱلأَفْئِدَةِ } * { إِنَّهَا عَلَيْهِم مُّؤْصَدَةٌ } * { فِي عَمَدٍ مُّمَدَّدَةِ }

القراءات { جمع } بالتشديد: ابن عامر ويزيد وحمزة وعلي وخلف { عمد } بضمتين جمع عماد: حمزة وعلي وخلف وعاصم سوى حفص والمفضل. الباقون: بفتحتين جمعاً أو واحداً في معناه.

الوقوف: { لمزة } ه لا بناءً على أن { الذي } وصف ولو كان منصوباً على الذم أو مرفوعاً على الذم فالوقف { وعدده } ه لا { أخلده } ج ه إن وصل وقف على " كلا " { الحطمة } ه ز { الحطمة } ه ط { الموقدة } ه لا { الأفئدة } ه ج { مؤصدة } ه لا { ممددة } ه.

التفسير: لما ذكر حكم جنس الإنسان في خسرهم عقبه بمثال واحد. قال عطاء والكلبي: نزلت في الأخنس بن شريق كان يكسر من أعراض الناس ويكثر الطعن فيهم. والتركيب يدل على الكسر ومنه الهمز ومثله اللمز وهو العيب قال تعالىولا تلمزوا أنفسكم } [الحجرات: 11] وقال ابن زيد: الهمز باليد واللمز باللسان. وقال أبو العالية: الهمز بالمواجهة واللمز بظهر الغيب وقد يكون كل ذلك سراً بالحاجب أو العين. وقيل: نزلت في الوليد بن المغيرة كانت عادته الغيبة والوقيعة. وبناء " فعلة " يدل على أن ذلك كان من عادته، وأما " فعلة " بسكون العين فهي للمفعول. وقال محمد بن إسحق: ما زلنا نسمع أن السورة نزلت في أمية بن خلف. والمحققون على أن خصوص السبب لا ينافي عموم اللفظ، ويحتمل أن يكون اللفظ عماً ويدخل فيه شخص معين دخولاً أولياً كما لو قال لك إنسان: لا أزورك أبداً فتقول: كل من لا يزورني لا أزوره تعريضاً به، ومثله يسمى في أصول الفقه تخصيص العام بقرينه العرف. ولا يخفى أن الهمز واللمز من أقبح السير خاصة في حق من هو أجل منصباً وأعلى قدراً من كل المخلوقات وهو النبي صلى الله عليه وسلم، فلا جرم أوعده بالويل وهو كلمة جامعة لكل شر ومكروه أو هو واد في جهنم وقد تقدم مراراً. ثم وصفه بقوله { الذي } وكأنه سبب الهمز واللمز لأن الغنى يورث الإعجاب والكبر والتشديد في جمع للتكثير في المفعول ويؤيده تنكير { مالاً } وكذا التشديد في { عدّده } ولا يبعد أن يكون للتكثير في الفعل، ولا ريب أن عد المال من غير ضرورة وضبطه أزيد من المعتاد يوجب للنفس شغلاً عن السعادات الباقية وحرصاً على الزخارف الدنية وعلى التمتيع بتلك الأسباب ولهذا قال { يحسب } أي طول المال أمله ومناه الأماني البعيدة حتى أصبح لفرط غفلته يحسب أن ماله يتركه خالداً في الدنيا. وقيل: عدده أي أمسكه وجعله عدة وذخيرة لحوادث الدهر. وقيل: أراد بقوله { يحسب } تشييد البنيان وإحكامه بالجص والآجر غرس الأشجار وعمارة الأراضي عمل من يظن أن ماله أبقاه حياً، أو هو تعريض بالعمل الصالح المخلد لصاحبه الأجر الجزيل والثناء الجميل، وأما المال فبمعزل عن ذلك لأنه للحادث أو للوارث.

السابقالتالي
2