الرئيسية - التفاسير


* تفسير غرائب القرآن و رغائب الفرقان/القمي النيسابوري (ت 728 هـ) مصنف و مدقق


{ أَلْهَاكُمُ ٱلتَّكَّاثُرُ } * { حَتَّىٰ زُرْتُمُ ٱلْمَقَابِرَ } * { كَلاَّ سَوْفَ تَعْلَمُونَ } * { ثُمَّ كَلاَّ سَوْفَ تَعْلَمُونَ } * { كَلاَّ لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ ٱلْيَقِينِ } * { لَتَرَوُنَّ ٱلْجَحِيمَ } * { ثُمَّ لَتَرَوُنَّهَا عَيْنَ ٱلْيَقِينِ } * { ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ ٱلنَّعِيمِ }

القراءات: { لترون } بضم التاء من الإراءة مجهولاً: ابن عامر وعلي.

الوقوف { التكاثر } ه لا { المقابر } ه ك لأن { كلاً } بمعنى حقاً وقد يحمل على الردع عن التكاثر { سوف تعلمون } ه لا { سوف تعلمون } ه { اليقين } ه ط لأن جواب " لو " محذوف وقوله { لترون } جواب قسم { الجحيم } ه لا { اليقين } ه { النعيم } ه.

التفسير: لما ذكر القارعة وأهوالها قال { ألهاكم } أي شغلكم التكاثر وهو المغالبة بالكثرة أو تكلف الافتخار بها مالاً وجاهاً عن التدبر في أمر المعاد فنسيتم القبر حتى زرتموه. ويروى أن بني عبد منافٍ وبني سهم تفاخروا أيهم أكثر عدداً فكثرهم أي غلبهم بالكثرة بنو عبد منافق فقالت بنوسهم: إن البغي أهلكنا في الجاهلية فعادونا بالأحياء والأموات أي عدوا مجموع أحيائنا وأمواتنا مع مجموع أحيائكم وأمواتكم ففعلوا فزاد بنوسهم فنزلت الآية. وهذه الرواية شديدة الطباق لظاهر الآية لقوله { زرتم } بصيغة الماضي وفيه تعجب من حالهم أنهم زاروا القبور في معرض المفاخرة والإستغراق في حب ما لا طائل تحته من التباهي بالكثرة والتباري فيها، مع أن زيارة القبور مظنة ترقيق القلب وإزالة القساوة كما قال صلى الله عليه وسلم " كنت نهيتكم عن زياة القبور ثم بدا لي فزوروها فإن في زيارتها تذكرة " من هنا قال بعضهم: أراد الحرص على المال قد شغلكم عن الدين فلا تلتفتون إليه إلا إذا زرتم المقابر فحينئذ ترق قلوبكم يعني أن حظكم من دينكم ليس إلا هذا القدر ونظيره قولهقليلاً ما تشكرون } [الملك: 23] أي لا أقنع منكم بهذا القدر من الشكر. وقيل: معنى الآية ألهاكم حرصكم على تكثير أموالكم عن طاعة ربكم حتى أتاكم الموت وأنتم على ذلك، ويندرج فيه من يمنع الحقوق المالية إلى حين الموت ثم يقول: أوصيت لفلان بكذا ولفلان بكذا، واستدلوا عليهم بما روى مطرف بن عبد الله بن الشخير عن أبيه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال " يا ابن آدم تقول مالي مالي وهل لك من مالك إلا ما أكلت فأفنيت أو لبست فأبليت أو تصدقت فأمضيت " ثم قرأ { ألهاكم التكاثر حتى زرتم المقابر } أي حتى متم. وأورد عليه أن الزائر هو الذي يجيء ساعة ثم ينصرف. والميت يبقى في قبره مدة مديدة. وأيضاً إن قوله { زرتم } صيغة الماضي فكيف يحمل على المستقبل؟ ويمكن أن يجاب عن الأول بأن مدة اللبث في القبر بالنسبة إلى الأبد أقل من لحظة كما قالكم لبثتم في الأرض عدد سنين قالوا لبثنا يوماً أو بعض يوم } [الكهف: 19] وعن الثاني بأن المشرف على الموت كأنه على شفير القبر أو هو خبر عمن تقدمهم والخبر عنهم كالخبر عن متأخريهم لأنهم كانوا على طريقتهم.

السابقالتالي
2 3 4