الرئيسية - التفاسير


* تفسير التفسير/ ابن عرفة (ت 803 هـ) مصنف و مدقق


{ فَوَيْلٌ لِّلَّذِينَ يَكْتُبُونَ ٱلْكِتَابَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هَـٰذَا مِنْ عِنْدِ ٱللَّهِ لِيَشْتَرُواْ بِهِ ثَمَناً قَلِيلاً فَوَيْلٌ لَّهُمْ مِّمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ وَوَيْلٌ لَّهُمْ مِّمَّا يَكْسِبُونَ }

قوله تعالى: { فَوَيْلٌ لِّلَّذِينَ يَكْتُبُونَ ٱلْكِتَابَ بِأَيْدِيهِمْ... }

الفاء للاستئناف أو للسبب.

ابن عطية: قال الخليل: الويل شدة الشر. وقال الأصمعي: الويل (القبائح) وهو مصدر (لا فعل له) ينصب على الدعاء.

واستبعده ابن عرفة أن يراد به القبائح قال: إنما يفهم منه العقوبة المترتبة على القبائح قال: وويل وويح (وويس وريب) (متقاربة) وقد فرق بينها قوم. قلت: قال: القاضي عياض في الإكمال في كتاب الإيمان في حديث خرّجه مسلم من رواية واقد بن محمد أنه سمع أباه يحدث عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، عن النّبي صلى الله عليه وسلم قال في حجة الوداع: " ويحكم، أو قال: وَيْلَكم لا ترجعوا بعدي كفارا يضرب بعضكم رقاب بعض ".

قال القاضي عياض: ويح، وويل للتّعجب والتوجّع كما قال سيبويه ويل (لمن) (وقع) في مهلكة، وويح يترحم بمعناها، وحكى عنه ويح لمن أشرف على (المهلكة).

قال غيره: ولا يراد بها الدعاء بإيقاع الهلاك ولكن الترحم.

وروي عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه: ويح ترحم.

قال الهروي: ويح لمن وقع في مهلكة لا يستحقها/ (فيرثى) له ويترحم عليه، وويل للذي يستحقها ولا يترحم عليه.

وقال الأصمعي: ويح ترحم، وابن عباس: الويل المشقة.

قال ابن عرفة: هو الحزن (وقيل الهلاك).

قلت: وقال القاضي في حديث (ويحك يَا أَنجشة) (رويدك بالقوارير).

قال سيبويه: هي لمن وقع في مهلكة (لا يستحقها) فيرثى له ويترحم عليه، وويل بضده، وويس تصغير أي (دونها ذكره في كتاب الفضائل).

قوله تعالى: { ثُمَّ يَقُولُونَ هَـٰذَا مِنْ عِندِ ٱللَّهِ... }.

( " ثم " ) لبعد ما بين منزلة الكتب والقول.

قيل لابن عرفة: (الكتاب) لا شيء فيه، إنما العقوبة على نسبته إلى الله.

فقال: لا بل على الأمرين كمن يكتب (عقودا) يضرب فيها على الخطوط والشهادات (ويخليها) عنده، فإنه قد ارتكب محظورا فإن أظهرها ونسبها إلى تلك الشهود وطلب بها فهو قد فعل محظورا (آخر).

قيل لابن عرفة: نص ابن التلمساني في آخر باب النسخ على أنهم أجمعوا على تكفير من كَّذب الله، واختلفوا في تكفير من كذَب على الله.

فقال ابن عرفة: هذا مشكل فمن يفتي بالخطأ كاذبا على الله يلزم أن يكون كافرا وليس كذلك.

قوله تعالى: { لِيَشْتَرُواْ بِهِ ثَمَناً قَلِيلاً... }.

قال ابن عرفة: إما أن يراد (يبيعونه) بشئ تافه، أو بلا شيء كقول سيبويه: مررت بأرض فلمّا تنبت (البقلا) أي لا تنبت شيئا ونحوه.

قال الزمخشري في قوله تعالى:وَقَالُواْ قُلُوبُنَا غُلْفٌ بَل لَّعَنَهُمُ ٱللَّهُ بِكُفْرِهِمْ فَقَلِيلاً مَّا يُؤْمِنُونَ } وَفِي قَوْلِهِ في النساء:فَلاَ يُؤْمِنُونَ إِلاَّ قَلِيلاً } وأنشد:
(قليل التشكي للمهمّ يصيبه   كثير الهوى شتى النوى والمسالك)

السابقالتالي
2