الرئيسية - التفاسير


* تفسير التفسير/ ابن عرفة (ت 803 هـ) مصنف و مدقق


{ وَبَشِّرِ ٱلَّذِين آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّـٰلِحَٰتِ أَنَّ لَهُمْ جَنَّٰتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا ٱلأَنْهَٰرُ كُلَّمَا رُزِقُواْ مِنْهَا مِن ثَمَرَةٍ رِّزْقاً قَالُواْ هَـٰذَا ٱلَّذِي رُزِقْنَا مِن قَبْلُ وَأُتُواْ بِهِ مُتَشَٰبِهاً وَلَهُمْ فِيهَآ أَزْوَٰجٌ مُّطَهَّرَةٌ وَهُمْ فِيهَا خَٰلِدُونَ }

قوله تعالى: { وَبَشِّرِ ٱلَّذِين ءَامَنُواْ... }

قال الزمخشري: معطوف إما علىفَٱتَّقُواْ ٱلنَّارَ } أو على الجملة (كلها).

واعترض أبو حيّان الأول بأن " فَٱتَّقُواْ " جواب الشرط وموضعه جزم وبشر لا يصح أن يكون جوابا لأنَّه أمر بالبشارة مطلقا مطلقا إلا على تقدير أن لم تفعلوا.

ورده المختصر بوجهين: الأول نص الفارسي وجماعة في مثل زيد ضربته وعمرو كلمته أنه معطوف على الجملة الصغرى مع أن عمرو كلمته يمتنع أن يكون خبرا (عن) زيد لعدم الرابط فكذا لا يصح أن يعطف على الجواب ما ليس جوابا.

قال ابن عرفة: ونظيره رب شاة وسلخها مع أن ربّ لا تدخل إلا على النكرة.

وأجاب المختصر عن قوله لأنه أمر بالبشارة مطلقا (بأن) الواقع عدم الفعل جزما (ولهذا قال): " وَلَن تَفْعَلُواْ " فليس ثم تقدير: إن فعلتم فلا (تبشير واقع بل) الأمر بالبشارة واقع مطلقا.

وارتضى ابن عرفة الأول، وضعف الثاني بالفرق بين جواب الشرط وغيره، فإن المشاركة في العطف جواب الشرط المعنى يقتضيها [و] بخلاف العطف (على غيره) فإنه قد يكون مراعاة/ لمقتضى اللفظ وأما الشرط فالمعنى فيه يؤكد الارتباط.

قلت: ورد غيره الأول بأن (الصغرى عاطفة) على الكبرى لعدم الرّابط إلا أن يقول: وعمرو أكرمته في داره.

قال: وقول سيبويه: إنه (معطوف) على الصغرى ليس على ظاهره إن لم يتعرض لإصلاح اللّفظ ولو سئل عنه لقال لا بد من الربط.

وقال الفارسي: إنه محمول على الصغرى في النصب ومعطوف على الكبرى ولا يلزم من الحمل على الصغرى أن يكون معطوفا عليها إنّما روعي في المشاركة اللّفظية فقط.

(ابن عرفة): نص عليه ابن الصفار وابن عصفور في شرح الإيضاح وشرح الجمل الكبير.

قال: وأما رب شاة وسلخها فضمير النكرة عندهم نكرة كما تقول (ربه رجلا).

قلت: واحتج ابن عصفور (للفارسي) بأن العرب لاحظوا المناسبة في كثير من كلامهم واختاروا النصب في " ضربت القوم حتى زيدا ضربته " مع أنه غير معطوف لأن حتى لا تعطف الجمل وكذلك اختاروا في زيد ضربته إذا كان جوابا لمن قال: أيهم ضربت، بالرفع أن يرتفع، وبالنّصب أن ينتصب، فقد لاحظوا المناسبة في عدم العطف وهذا كله (نصّ) على أنه ليس معطوفا على الصغرى (بوجه بل محمولا عليها في النصب للمشاركة بين (الجملة) وبين ما يليها خاصة).

قال ابن عطية: الأغلب استعمال البشارة في الخير وقد تستعمل في الشر مقيدة به فمتى أطلقت فهي في الخبر.

قال الزمخشري: البشارة الإخبار بما يظهر سرور المخبر به أو عنه.

قال: و(أما)فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ } فمن العكس في الكلام الذي يقصد به الاستهزاء الزائد في غيظ المسْتَهْزَإ به وتألمه.

السابقالتالي
2 3 4