الرئيسية - التفاسير


* تفسير التفسير/ ابن عرفة (ت 803 هـ) مصنف و مدقق


{ أَلَمْ تَرَ إِلَى ٱلَّذِينَ خَرَجُواْ مِن دِيَٰرِهِمْ وَهُمْ أُلُوفٌ حَذَرَ ٱلْمَوْتِ فَقَالَ لَهُمُ ٱللَّهُ مُوتُواْ ثُمَّ أَحْيَٰهُمْ إِنَّ ٱللَّهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى ٱلنَّاسِ وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَ ٱلنَّاسِ لاَ يَشْكُرُونَ }

قوله تعالى: { أَلَمْ تَرَ إِلَى ٱلَّذِينَ خَرَجُواْ مِن دِيَارِهِمْ وَهُمْ أُلُوفٌ... }.

أي متآلفون مجتمعون، خرجوا في وقت واحد فارين من الموت، والرؤية إما بصرية أو علمية لكن (العلمية لاتتعدى بـ (الى) فلذلك قال أبو حيان: " المعنى لم ينته علمك إلى الذين خرجوا من ديارهم).

قال ابن عرفة: وكذا البصرية ممتنعة هنا فإن أولئك غير موجودين(حين) الخطاب لكن نزل الماضي منزلة الحاضر تحقيقا له حتى كأنه مشاهد كما قال سيبويه، وهذا باب كذا. وفرق في الإرشاد بين نظر في كذا وهو النظر الفكري فجعله يتعدى (بفي).

قوله تعالى: { فَقَالَ لَهُمُ ٱللَّهُ مُوتُواْ... }.

أورد الزمخشري هنا سؤالا فقال: كيف قال لهم الله " مُوتُوا " وكان الأصل فأماتهم الله.

قال ابن عرفة: هذا السؤال إنّما يرد على مذهبه لأنه ينفي الكلام النفسي.

وأجاب بأنه عبارة عن سرعة (التكوين) وزاد فيه (تدقيقا) لمذهبه بقاعدة (إجماعية) وهي قول الله تعالى:إِنَّمَا قَوْلُنَا لِشَيْءٍ إِذَآ أَرَدْنَاهُ أَن نَّقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ } وهذا بناء على خطاب المعدوم وهل يصح (أم) لا؟

قال ابن عرفة: وهنا إضمارٌ أي: فماتوا ثم أحياهم.

قوله تعالى: { إِنَّ ٱللَّهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى ٱلنَّاسِ... }.

فضله عام باعتبار الكم وباعتبار الكيف فالكم راجع إلى تكثير أعداد النعم والكيف راجع إلى حالها في أنفسها، والناس عام، فالكافر منعم عليه في الدنيا وأما في الأخرة فمحل نظر. والاستدراك في قوله { وَلَٰكِنّ أَكْثَرَ ٱلنَّاسِ } راجع إلى لازم قوله { لَذُو فَضْلٍ } فإن من لوازم فضله على الناس أن يشكروه ويحمدوه فلذلك استدرك بعده بـ (لكن).