الرئيسية - التفاسير


* تفسير التفسير/ ابن عرفة (ت 803 هـ) مصنف و مدقق


{ ٱلطَّلَٰقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَٰنٍ وَلاَ يَحِلُّ لَكُمْ أَن تَأْخُذُواْ مِمَّآ آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئاً إِلاَّ أَن يَخَافَآ أَلاَّ يُقِيمَا حُدُودَ ٱللَّهِ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ يُقِيمَا حُدُودَ ٱللَّهِ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا ٱفْتَدَتْ بِهِ تِلْكَ حُدُودُ ٱللَّهِ فَلاَ تَعْتَدُوهَا وَمَن يَتَعَدَّ حُدُودَ ٱللَّهِ فَأُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلظَّٰلِمُونَ }

قوله تعالى: { ٱلطَّلاَقُ مَرَّتَانِ... }.

فسّروه بوجهين: إما الطّلاق الرجعي مرتان لأن الطلقة (الثالثة) لا رجعة فيها، وإما الطّلاق السني مرتان.

(فإن) قلت: الطلاق السّني ثلاث تطليقات؟ (قلنا) لأجل هذا قال الزمخشري: إنّ التثنية ليست على حقيقتها بل للتكرار أي مرة بعد مرة مثلثُمَّ ٱرْجِعِ البَصَرَ كَرَّتَيْنِ } أي كرة بعد كرة فيكون تنبيها على أنّ الطّلاق الموقع في كلمة واحدة غيرُ سنّي. فإن قلت: هلاّ قال: الطلاق ثنتان؟ فالجواب من وجوه:

الأول: قال ابن عرفة: قدمنا أن (الثنتين) يصدقان على الطلاق الممكن والمحال فيقال: الطلاق طلاقان. ويكون محالا بخلاف المرتين لأن المرة تفيد بدلالتها / على الزمان أن الطّلاق وجودي واقع.

الثاني: أنه إنما قيل " مرتان " تنبيها على أن المراد الطلاق (مرة بعد مرة لأن المرة زمان والزمانان متفرقان بلا شك لاستحالة اجتماعهما) ولو قيل: ثنتان الطلاق مجتمعا ومفرقا لأفاد بذلك النهي عن أيقاع الثالث في كلمة واحدة.

قيل لابن عرفة: إن الشيخ الفقيه القاضي أبا العباس أحمد بن حيدرة والفقيه المفتي أبا القاسم الغبريني رحمهما الله تعالى سئلا عمن شهد عليه أنه قال: لزوجته ما نصّه: أنت طالق مرتين؟ قال لها في مرة واحدة فقالا: يُنَوّى. فاستشكله ابن عرفة لأنه صريح أو ظاهر في الاثنتين وقد أسرته البينة.

أبو حيان: أي عدد الطلاق مرتان أو إيقاعه مرتان.

قال اين عرفة: إن أراد تقدير معنى فصواب، وإن أراد أمرا حاجيا لا بد منه ولا يتم اللفظ إلا به، فليس كذلك.

قال ابن عرفة: والآية دالة على أن طلاق الحر مساو لطلاق العبد.

قوله تعالى: { فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ... }.

قال ابن عرفة: فإن قلت: هلا قيل: فإمساك بإحسان أو تسريح بمعروف، وهذا السؤال مذكور في حسن الائتلاف؟

قال: وعادتهم يجيبون بأن المعروف أخفّ من الإحسان لأن المعروف حسن العشرة والتزام حقوق الزوجية والإحسان ألاّ يظلمها شيئا من حقها، فيقتضي الإعطاء وبذل المال أشق على النفوس من حسن العشرة (فجعل) المعروف مع الإمساك المقتضي لدوام العصمة إذ لا يضر تكرّره، وجعل الإحسان المشق على النفوس (مع) التسريح الذي لا يتكرر بل هو مرة أو مرتان أو ثلاث فقط.

ونقل ابن يونس عن أبي (عمر): أنّ هذه الآية ما زالت يكتبها الموثقون في الصّدُقات.

قال: وكان الشيخ القاضي أبو عبد الله محمد بن عبد السلام ينكر على أهل زماننا كتبها في الصدقات إذ لا يذكر في عقد النكاح إلا ما يلائمه ويناسبه. وأما الطلاق ففي ذكره فيه تفاؤل ومناقضة للنكاح ولذا (تجد) بعضهم يقول: من الإمساك بالمعروف أو المعاشرة بالإحسان (فيؤول) اللفظ.

أبو حيان: ( " إِمْسَاكٌ " ) إما خبر، أي فالواجب إمساك، وإما مبتدأ وخبره مقدر إما قبله أي فعليكم إمساك أو بعده أي فإمساك عليكم.

السابقالتالي
2