الرئيسية - التفاسير


* تفسير التفسير/ ابن عرفة (ت 803 هـ) مصنف و مدقق


{ وَلاَ تَنْكِحُواْ ٱلْمُشْرِكَاتِ حَتَّىٰ يُؤْمِنَّ وَلأَمَةٌ مُّؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِّن مُّشْرِكَةٍ وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ وَلاَ تُنْكِحُواْ ٱلْمُشِرِكِينَ حَتَّىٰ يُؤْمِنُواْ وَلَعَبْدٌ مُّؤْمِنٌ خَيْرٌ مِّن مُّشْرِكٍ وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ أُوْلَـٰئِكَ يَدْعُونَ إِلَى ٱلنَّارِ وَٱللَّهُ يَدْعُوۤاْ إِلَى ٱلْجَنَّةِ وَٱلْمَغْفِرَةِ بِإِذْنِهِ وَيُبَيِّنُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ }

قوله تعالى: { وَلاَ تَنْكِحُواْ ٱلْمُشْرِكَاتِ حَتَّىٰ يُؤْمِنَّ... }.

النكاح حقيقة في الوطء مجاز في العقد، وقيل حقيقة فيهما.

قال القاضي عياض في تنبيهاته: " النكاح لغة الجماع والضمّ، يقال: نكحت البُرّ في الأرض ونكحت الحصاة خفاف الإبل، ثم استعمل في الوطء وهو في الشرع يطلق على العقد لأنه بمعنى الجمع ومآله إلى الوطء.

قال الزمخشري في أساس البلاغة: ومن المجاز قولهم: نكحت الحصى خفاف الإبل: فظاهره أنه حقيقة في العقد مجاز في الوطء، إلا أن يراد المجاز في الإسناد. والنهي هنا للتحريم بدليل ما عطف عليه وهو التحريم بلا خلاف، وإن كان ابن التلمساني أجاز عطف التحريم على المكروه وعكسه لكن الأغلب التساوي.

قيل لابن عرفة: ما أفاد قول الله تعالى " حَتَّىٰ يُؤْمِنَّ " مع أنّ النكاح (يستقل) بدونه؟

(فأجاب) هو أصرح في دوام الانتهاء بأن الأول مفهوم صفة وهو مفهوم غاية، والقائلون بإعمال مفهوم الغاية أكثر من القائلين بإعمال مفهوم الصفة.

قلت: أو يجاب بأنّه لو لم يذكر لأوهم إباحة نكاحهن إن رجعن عن الإشراك إلى دين اليهود والنّصارى فيكون في الآية حجة لما حكى ابن عطية عن ابن عباس والحسن ومالك فيما ذكره عنه ابن حبيب من أنه عام فيهم وفي الكتابيات، ثم نسخت بقوله في المائدة:وَٱلْمُحْصَنَاتُ مِنَ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ } قوله تعالى: { خَيْرٌ مِّن مُّشْرِكَةٍ... }.

خيْرٌ (أفعلَ من) لجواز اشتراك المتباينات في وصف ما. فالخيرية في المشركة في الدنيا فقط أما بكثرة المال أو الجمال وميل النفس إليها.

وفي المؤمنة باعتبار الدنيا والأخرة واليهود والنصارى ليسوا من المشركين لقول الله عز وجل:لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ ٱلنَّاسِ عَدَاوَةً لِّلَّذِينَ آمَنُواْ ٱلْيَهُودَ وَٱلَّذِينَ أَشْرَكُواْ } قال ابن عرفة: وأغرب ابن الخطيب: فقال: احتج من قال: بأنّهم مشركون بقول الله تعالى:إِنَّ ٱللَّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَآءُ } وأجمعوا على أن اليهود والنّصارى لا يغفر لهم فهم مشركون (وإلاّ لزم) منه تطرق احتمال المغفرة لهم.

قوله تعالى: { وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ... }.

من إثبات ما يتوهم نفيه، أو نفي ما يتوهم ثبوته مثل:وَمَآ أَنتَ بِمُؤْمِنٍ لَّنَا وَلَوْ كُنَّا صَادِقِينَ } قلت: وتقدم لابن عرفة في الختمة الأخرى أن هذه الآية يرد بها على ابن بشير فإنه نقل في أول كتاب الجنائز عن ابن عبد الحكم: أن الصلاة على الجنائز فرض كفاية محتجا بقول / الله تعالى:وَلاَ تُصَلِّ عَلَىٰ أَحَدٍ مِّنْهُم مَّاتَ أَبَداً وَلاَ تَقُمْ عَلَىٰ قَبْرِهِ } والنهي عن الصلاة على المنافقين للتحريم فضده وهو الأمر بالصلاة على المؤمنين للوجوب.

وتعقبه اللّخمى بأنّه لا يكون (هذا) للوجوب إلاّ إذا كان له (ضد) واحد، وهذا له (أضداد)، وهو إما وجوب الصلاة على المؤمنين أو كراهتها، أو إباحتها (أو استحبابها).

السابقالتالي
2 3