قوله تعالى: { فَمَن بَدَّلَهُ بَعْدَمَا سَمِعَهُ... }. ابن عرفة: إن أريد به الموصى فالمعنى: فمن لم يمتثله، لأن تبديل حكم الله تعالى غير معقول. وإن أريد به الوارث الأجنبي فالتبديل حقيقة بَاقِ على ظاهره. قوله تعالى: { فَإِنَّمَآ إِثْمُهُ عَلَى ٱلَّذِينَ يُبَدِّلُونَهُ إِنَّ ٱللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ }. قال ابن عرفة: كان بعضهم يفهم فيقول فائدة الحصر أنّ الموصي للفقراء بوصية ثم منعهم منها سلطان ظالم فالأجر ثابت للموصي والإثم خاص بالظالم. قال: (وكذلك) أخذ منه بعضهم، أنّ الموصي إذا اعترف بدين عليه وحبسه الوارث عن ربّه فقد برىء الموصي من عهدته وإثمه على المانع. ففي الآية ثلاثة أسئلة: - الأول: لم خص الحصر بإنَّما ولم يقل: فإثمه إلا على الذين يبدلونه مع أنه أصرح؟ والجواب أنهم قالوا: إنّ " إنما " تقتضي ثبوت ما بعدها بخلاف (إلاّ) فتقتضي وجود الإثم وثبوته. - السؤال الثاني: قال " يبدلونه " بلفظ المضارع " ومن بدله " بلفظ الماضي؟ والجواب عنه ما أجاب الزمخشري في قوله الله تعالى{ وَمَن قَتَلَ مُؤْمِناً خَطَئاً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةٍ }{ وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُّتَعَمِّداً فَجَزَآؤُهُ جَهَنَّمُ } وهو أنه لما كان القتل عمدا ممنوعا شرعا عبر عنه بلفظ الماضي والمستقبل إشعارا بكراهيته (والتنفير) عنه حتى كأنه غير واقع، وكذلك يقال هنا. قلت: لأنه ذكر لفظ الإثم في الثاني مقرونا بأداة الحصر أتي بالفعل مستقبلا زيادة في (التنفير) عن موجب الإثم. - السؤال الثالث: هلا استغنى على إعادة الظاهر فيقال: فإنما إثمه عليه؟ والجواب عن ذلك! أنه تنبيه على العلة التي لأجلها كان مأثوما وهي التبديل.