قوله تعالى: { وَمِنَ ٱلنَّاسِ مَن يَتَّخِذُ مِن دُونِ ٱللَّهِ أَندَاداً }. ابن عطية: ذكر الله تعالى الوحدانية، ثم الآية الدالة على الصانع الذي لا يمكن أن يكون إلا واحدا، ثم ذكر هنا الجاحدين للصانع تعجبا من ضلالهم بعد هذه الآية. قال ابن عرفة: ويحتمل أن يكون ذكر هذه الآية توطينا وتسكينا للنّبي صلى الله عليه وسلم لئلا يطمع فيى إيمانهم وتتعلق نفسه بذلك كما قال{ فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَّفْسَكَ عَلَىٰ آثَارِهِمْ إِن لَّمْ يُؤْمِنُواْ بِهَـٰذَا ٱلْحَدِيثِ أَسَفاً } فأخبره بعدم إيمان بعضهم حتى لا يناله حزن ولا غم بوجه. قال ابن عرفة: و " من " في قوله " من دون الله " لابتداء الغاية وانتهائها حتى يعمّ في جمع الدون وتفيد كثرة تلك الوجوه. قوله تعالى: { يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ ٱللَّهِ... }. إن قلت: (هم) إنما كانوا يعبدونهم والعبادة أخص من المحبة لأن الواحد منا يحب ولده وأباه وأمه ولا (يعبدهم) فهلا قيل: يعبدونهم؟ قلت: أجاب ابن عرفة بوجهين: - الأول: أنه ذمهم على الوصف الأعم وهو المحبة ليفيد الذم على الأخص وهو العبادة من باب أحرى. - الجواب الثاني: أنه عدل عن لفظ العبادة استعظاما له واستحقارا للأصنام أن تنسب إليهم العبادة. قيل لابن عرفة: إن هذه الآية تدل على أن ارتباط الدليل بالمدلول/ عادي لا عقلي، لأن هؤلاء (نظروا) فلم يؤمنوا؟ فقال ابن عرفة: (لعلهم لم ينظروا أو نظروا فلم يهتدوا) للعثور على الوجه الذي منه يدل الدليل. قال: وهما مسألتان في أصول الدين. مسألة تخالف العلم مع التّمكن من مراد النظر الصحيح. ومسألة (تخالف) العلم مع حصول النظر الصحيح فالآية إنما تدل على الأول لا على الثاني.