الرئيسية - التفاسير


* تفسير البحر المحيط/ ابو حيان (ت 754 هـ) مصنف و مدقق


{ إِذَا ٱلسَّمَآءُ ٱنشَقَّتْ } * { وَأَذِنَتْ لِرَبِّهَا وَحُقَّتْ } * { وَإِذَا ٱلأَرْضُ مُدَّتْ } * { وَأَلْقَتْ مَا فِيهَا وَتَخَلَّتْ } * { وَأَذِنَتْ لِرَبِّهَا وَحُقَّتْ } * { يٰأَيُّهَا ٱلإِنسَٰنُ إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَىٰ رَبِّكَ كَدْحاً فَمُلاَقِيهِ } * { فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَـٰبَهُ بِيَمِينِهِ } * { فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَاباً يَسِيراً } * { وَيَنقَلِبُ إِلَىٰ أَهْلِهِ مَسْرُوراً } * { وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَٰبَهُ وَرَآءَ ظَهْرِهِ } * { فَسَوْفَ يَدْعُواْ ثُبُوراً } * { وَيَصْلَىٰ سَعِيراً } * { إِنَّهُ كَانَ فِيۤ أَهْلِهِ مَسْرُوراً } * { إِنَّهُ ظَنَّ أَن لَّن يَحُورَ } * { بَلَىٰ إِنَّ رَبَّهُ كَانَ بِهِ بَصِيراً } * { فَلاَ أُقْسِمُ بِٱلشَّفَقِ } * { وَٱللَّيْلِ وَمَا وَسَقَ } * { وَٱلْقَمَرِ إِذَا ٱتَّسَقَ } * { لَتَرْكَبُنَّ طَبَقاً عَن طَبقٍ } * { فَمَا لَهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ } * { وَإِذَا قُرِىءَ عَلَيْهِمُ ٱلْقُرْآنُ لاَ يَسْجُدُونَ } * { بَلِ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ يُكَذِّبُونَ } * { وَٱللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا يُوعُونَ } * { فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ } * { إِلاَّ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّٰلِحَٰتِ لَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ }

قال ابن خالويه: { إذا السماء انشقت } بكسر التاء، عبيد عن أبي عمرو. وقال ابن عطية، وقرأ أبو عمرو: { انشقت } ، يقف على التاء كأنه يشمها شيئاً من الجر، وكذلك في أخواتها. قال أبو حاتم: سمعت أعرابياً فصيحاً في بلاد قيس يكسر هذه التاءات، وهي لغة. انتهى. وذلك أن الفواصل قد تجري مجرى القوافي. فكما أن هذه التاء تكسر في القوافي، تكسر في الفواصل؛ ومثال كسرها في القوافي قول كثير عزة:
وما أنا بالداعي لعزة بالردى   ولا شامت أن نعل عزة زلت
وكذلك باقي القصيدة. وإجراء الفواصل في الوقف مجرى القوافي مهيع معروف، كقوله تعالى:الظنونا } [الأحزاب: 10] والرسولا } [الأحزاب: 66] في سورة الأحزاب. وحمل الوصف على حالة الوقف أيضاً موجود في الفواصل. { وأذنت }: أي استمعت وسمعت أمره ونهيه، وفي الحديث: " ما أذن الله بشيء إذنه لنبي يتغنى بالقرآن " وقال الشاعر:
صم إذا سمعوا خيراً ذكرت به   وإن ذكرت بسوء عندهم أذنوا
وقال قعنب:
إن يأذنوا ريبة طاروا بها فرحاً   وما هم أذنوا من صالح دفنوا
وقال الحجاف بن حكيم:
أذنت لكـم لمـا سمعت هريركـم   
وأذنها: انقيادها الله تعالى حين أراد انشقاقها، فعل المطيع إذا ورد عليه أمر المطاع أنصت وانقاد، كقوله تعالى:قالتا أتينا طائعين } [فصلت: 11] { وحقت } ، قال ابن عباس ومجاهد وابن جبير: وحق لها أن تسمع. وقال الضحاك: أطاعت وحق لها أن تطيع. وقال قتادة: وحق لها أن تفعل ذلك، وهذا الفعل مبني للمفعول، والفاعل هو الله تعالى، أي وحق الله تعالى عليها الاستماع. ويقال: فلان محقوق بكذا وحقيق بكذا، والمعنى: أنه لم يكن في جرم السماء ما يمنع من تأثير القدرة في انشقاقه وتفريق أجزائه وإعدامه. قيل: ويحتمل أن يريد: وحق لها أن تنشق لشدة الهول وخوف الله تعالى. وقال الزمخشري: وهي حقيقة بأن تنقاد ولا تمتنع، ومعناه: الإيذان بأن القادر الذات يجب أن يتأتى له كل مقدور ويحق ذلك، انتهى. وفي قوله القادر الذات دسيسة الاعتزال، وما أولع هذا الرجل بمذهب الاعتزال، يدسه متى أمكنه في كل ما يتكلم به.

{ وإذا الأرض مدت } ، قال مجاهد: سويت. وقال الضحاك: بسطت باندكاك جبالها، ومنه الحديث: " تمد الأرض مد الأديم العكاظي حتى لا يكون لبشر من الناس إلا موضع قدمه " ، وذلك أن الأديم إذا مَّد زال ما فيه ما تئن وانبسط، فتصير الأرض إذ ذاك كما قال تعالى:فيذرها قاعاً صفصفاً لا ترى فيها عوجاً ولا أمتاً } [طه: 106 - 107] { وألقت ما فيها وتخلت } ، قال ابن جبير والجمهور: ألقت ما في بطنها من الأموات، وتخلت ممن على ظهرها من الأحياء.

السابقالتالي
2 3 4 5