الرئيسية - التفاسير


* تفسير البحر المحيط/ ابو حيان (ت 754 هـ) مصنف و مدقق


{ إِذَا ٱلسَّمَآءُ ٱنفَطَرَتْ } * { وَإِذَا ٱلْكَوَاكِبُ ٱنتَثَرَتْ } * { وَإِذَا ٱلْبِحَارُ فُجِّرَتْ } * { وَإِذَا ٱلْقُبُورُ بُعْثِرَتْ } * { عَلِمَتْ نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ وَأَخَّرَتْ } * { يٰأَيُّهَا ٱلإِنسَٰنُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ ٱلْكَرِيمِ } * { ٱلَّذِي خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ فَعَدَلَكَ } * { فِيۤ أَيِّ صُورَةٍ مَّا شَآءَ رَكَّبَكَ } * { كَلاَّ بَلْ تُكَذِّبُونَ بِٱلدِّينِ } * { وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ } * { كِرَاماً كَاتِبِينَ } * { يَعْلَمُونَ مَا تَفْعَلُونَ } * { إِنَّ ٱلأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ } * { وَإِنَّ ٱلْفُجَّارَ لَفِي جَحِيمٍ } * { يَصْلَوْنَهَا يَوْمَ ٱلدِّينِ } * { وَمَا هُمْ عَنْهَا بِغَآئِبِينَ } * { وَمَآ أَدْرَاكَ مَا يَوْمُ ٱلدِّينِ } * { ثُمَّ مَآ أَدْرَاكَ مَا يَوْمُ ٱلدِّينِ } * { يَوْمَ لاَ تَمْلِكُ نَفْسٌ لِنَفْسٍ شَيْئاً وَٱلأَمْرُ يَوْمَئِذٍ لِلَّهِ }

انفطارها تقدم الكلام فيه، وانتثار الكواكب: سقوطها من مواضعها كالنظام. وقرأ الجمهور: { فجرت } بتشديد الجيم؛ ومجاهد والربيع بن خيثم والزعفراني والثوري: بخفها، وتفجيرها من امتلائها، فتفجر من أعلاها وتفيض على ما يليها، أو من أسفلها فيذهب الله ماءها حيث أراد. وعن مجاهد: فجرت مبنياً للفاعل مخففاً بمعنى: بغت لزوال البرزخ نظراً إلى قوله تعالى:لا يبغيان } [الرحمن: 20] لأن البغي والفجر متقابلان. { بعثرت } ، قال ابن عباس: بحثت. وقال السدي: أثيرت لبعث الأموات. وقال الفراء: أخرج ما في بطنها من الذهب والفضة. وقال الزمخشري: بعثر وبحثر بمعنى واحد، وهما مركبان من البعث والبحث مع راء مضمومة إليهما، والمعنى: بحثت وأخرج موتاها. وقيل: البراءة المبعثرة، لأنها بعثرت أسرار المنافقين. انتهى. فظاهر قوله أنهما مركبان أن مادتهما ما ذكر، وأن الراء ضمت إلى هذه المادة، والأمر ليس كما يقتضيه كلامه، لأن الراء ليست من حروف الزيادة، بل هما مادتان مختلفتان وإن اتفقا من حيث المعنى. وأما أن إحداهما مركبة من كذا فلا، ونظيره قولهم: دمث ودمثر وسب وسبطر. { ما قدمت وأخرت }: تقدم الكلام على شبهه في سورة القيامة.

وقرأ الجمهور: { ما غرك } ، فما استفهامية. وقرأ ابن جبير والأعمش: ما أغرك بهمزة، فاحتمل أن يكون تعجباً، واحتمل أن تكون ما استفهامية، وأغرك بمعنى أدخلك في الغرة. وقال الزمخشري: من قولك غر الرجل فهو غار، إذا غفل من قولك بينهم العدو وهم غارون، وأغرة غيره: جعله غاراً. انتهى. وروي أنه عليه الصلاة والسلام قرأ: { ما غرك بربك الكريم } ، فقال: جهله وقاله عمر رضي الله تعالى عنه وقرأأنه كان ظلوماً جهولاً } [الأحزاب: 92]، وهذا يترتب في الكافر والعاصي. وقال قتادة: عدوه المسلط عليه، وقيل: ستر الله عليه. وقيل: كرم الله ولطفه يلقن هذا الجواب، فهذا لطف بالعاصي المؤمن. وقيل: عفوه عنه إن لم يعاقبه أول مرة. وقال الفضيل رضي الله عنه: ستره المرخى. وقال ابن السماك:
يا كاتم الذنب أما تستحي   والله في الخلوة رائيكا
غرك من ربك إمهاله   وستره طول مساويكا
وقال الزمخشري: في جواب الفضيل، وهذا على سبيل الاعتراف بالخطأ. بالاغترار: بالستر، وليس باعتذار كما يظنه الطماع، ويظن به قصاص الحشوية، ويروون عن أئمتهم إنما قال: { بربك الكريم } دون سائر صفاته، ليلقن عبده الجواب حتى يقول: غرني كونه الكريم. انتهى. وهو عادته في الطعن على أهل السنة. { فسواك }: جعلك سوياً في أعضائك، { فعدلك }: صيرك معتدلاً متناسب الخلق من غير تفاوت. وقرأ الحسن وعمرو بن عبيد وطلحة والأعمش وعيسى وأبو جعفر والكوفيون: بخف الدال؛ وباقي السبعة: بشدها. وقراءة التخفيف إما أن تكون كقراءة التشديد، أي عدل بعض أعضائك ببعض حتى اعتدلت، وإما أن يكون معناه فصرفك.

السابقالتالي
2 3