الرئيسية - التفاسير


* تفسير البحر المحيط/ ابو حيان (ت 754 هـ) مصنف و مدقق


{ وَٱلنَّازِعَاتِ غَرْقاً } * { وَٱلنَّاشِطَاتِ نَشْطاً } * { وَٱلسَّابِحَاتِ سَبْحاً } * { فَٱلسَّابِقَاتِ سَبْقاً } * { فَٱلْمُدَبِّرَاتِ أَمْراً } * { يَوْمَ تَرْجُفُ ٱلرَّاجِفَةُ } * { تَتْبَعُهَا ٱلرَّادِفَةُ } * { قُلُوبٌ يَوْمَئِذٍ وَاجِفَةٌ } * { أَبْصَارُهَا خَاشِعَةٌ } * { يَقُولُونَ أَإِنَّا لَمَرْدُودُونَ فِي ٱلْحَافِرَةِ } * { أَإِذَا كُنَّا عِظَاماً نَّخِرَةً } * { قَالُواْ تِلْكَ إِذاً كَرَّةٌ خَاسِرَةٌ } * { فَإِنَّمَا هِيَ زَجْرَةٌ وَاحِدَةٌ } * { فَإِذَا هُم بِٱلسَّاهِرَةِ } * { هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ مُوسَىٰ } * { إِذْ نَادَاهُ رَبُّهُ بِٱلْوَادِ ٱلْمُقَدَّسِ طُوًى } * { ٱذْهَبْ إِلَىٰ فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَىٰ } * { فَقُلْ هَل لَّكَ إِلَىٰ أَن تَزَكَّىٰ } * { وَأَهْدِيَكَ إِلَىٰ رَبِّكَ فَتَخْشَىٰ } * { فَأَرَاهُ ٱلآيَةَ ٱلْكُبْرَىٰ } * { فَكَذَّبَ وَعَصَىٰ } * { ثُمَّ أَدْبَرَ يَسْعَىٰ } * { فَحَشَرَ فَنَادَىٰ } * { فَقَالَ أَنَاْ رَبُّكُمُ ٱلأَعْلَىٰ } * { فَأَخَذَهُ ٱللَّهُ نَكَالَ ٱلآخِرَةِ وَٱلأُوْلَىٰ } * { إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لِّمَن يَخْشَىٰ }

قال عبد الله وابن عباس؛ { النازعات }: الملائكة تنزع نفوس بني آدم، و { غرقاً }: إغراقاً، وهي المبالغة في الفعل، أو غرق في جهنم، يعني نفوس الكفار، قاله عليّ وابن عباس. وقال الحسن وقتادة وأبو عبيدة وابن كيسان والأخفش: هي النجوم تنزع من أفق إلى أفق. وقال السدّي وجماعة: تنزع بالموت إلى ربها، وغرقاً: أي إغراقاً في الصدر. وقال السدي أيضاً: النفوس تحن إلى أوطانها وتنزع إلى مذاهبها، ولها نزع عند الموت. وقال عطاء وعكرمة: القسي أنفسها تنزع بالسهام. وقال عطاء أيضاً: الجماعات النازعات بالقسي وغيرها إغراقاً. وقال مجاهد: المنايا تنزع النفوس. وقيل: النازعات: الوحش تنزع إلى الكلأ، حكاه يحيـى بن سلام. وقيل: جعل الغزاة التي تنزع في أعنتها نزعاً تغرق فيه الأعنة لطول أعناقها لأنها عراب، والتي تخرج من دار الإسلام إلى دار الحرب، قاله في الكشاف.

{ والناشطات } ، قال ابن عباس ومجاهد: الملائكة تنشط النفوس عند الموت، أي تخلها وتنشط بأمر الله إلى حيث كان. وقال ابن عباس أيضاً وقتادة والحسن والأخفش: النجوم تنشط من أفق إلى أفق، تذهب وتسير بسرعة. وقال مجاهد أيضاً: المنايا. وقال عطاء: البقر الوحشية وما جرى مجراها من الحيوان الذي ينشط من قطر إلى قطر. وقال ابن عباس أيضاً: النفوس المؤمنة تنشط عند الموت للخروج. وقيل: التي تنشط للإزهاق.

{ والسابحات } ، قال عليّ ومجاهد: الملائكة تتصرّف في الآفاق بأمر الله، تجيء وتذهب. وقال قتادة والحسن: النجوم تسبح في الأفلاك. وقال أبو روق: الشمس والقمر والليل والنهار. وقال عطاء وجماعة: الخيل، يقال للفرس سابح. وقيل: السحاب لأنها كالعائمة في الهواء. وقيل: الحيتان دواب البحر فما دونها وذلك من عظم المخلوقات، فيبدي أنه تعالى أمدّ في الدنيا نوعاً من الحيوان، منها أربعمائة في البر وستمائة في البحر. وقال عطاء أيضاً: السفن. وقال مجاهد أيضاً: المنايا تسبح في نفوس الحيوان.

{ فالسابقات } ، قال مجاهد: الملائكة سبقت بني آدم بالخير والعمل الصالح، وقاله أبو روق. وقال ابن مسعود: أنفس المؤمنين تسبق إلى الملائكة الذين يقبضونها، وقد عاينت السرور شوقاً إلى لقاء الله تعالى. وقال عطاء: الخيل، وقيل: النجوم، وقيل: المنايا تسبق الآمال. { فالمدبرات } ، قال ابن عطية لا أحفظ خلافاً أنها الملائكة، ومعناه أنها التي تدبر الأمور التي سخرها الله تعالى وصرفها فيها، كالرياح والسحاب وسائر المخلوقات. انتهى. وقيل: الملائكة الموكلون بالأحوال: جبريل للوحي، وميكائيل للمطر، وإسرافيل للنفخ في الصور، وعزرائيل لقبض الأرواح. وقيل: تدبيرها: نزولها بالحلال والحرام. وقال معاذ: هي الكواكب السبعة، وإضافة التدبير إليها مجاز، أي يظهر تقلب الأحوال عند قرانها وتربيعها وتسديسها وغير ذلك.

ولفق الزمخشري من هذه الأقوال أقوالاً اختارها وأدارها أولاً على ثلاثة: الملائكة أو الخيل أو النجوم.

السابقالتالي
2 3 4 5