الرئيسية - التفاسير


* تفسير البحر المحيط/ ابو حيان (ت 754 هـ) مصنف و مدقق


{ لاَ أُقْسِمُ بِيَوْمِ ٱلْقِيَامَةِ } * { وَلاَ أُقْسِمُ بِٱلنَّفْسِ ٱللَّوَّامَةِ } * { أَيَحْسَبُ ٱلإِنسَانُ أَلَّن نَّجْمَعَ عِظَامَهُ } * { بَلَىٰ قَادِرِينَ عَلَىٰ أَن نُّسَوِّيَ بَنَانَهُ } * { بَلْ يُرِيدُ ٱلإِنسَانُ لِيَفْجُرَ أَمَامَهُ } * { يَسْأَلُ أَيَّانَ يَوْمُ ٱلْقِيَامَةِ } * { فَإِذَا بَرِقَ ٱلْبَصَرُ } * { وَخَسَفَ ٱلْقَمَرُ } * { وَجُمِعَ ٱلشَّمْسُ وَٱلْقَمَرُ } * { يَقُولُ ٱلإِنسَانُ يَوْمَئِذٍ أَيْنَ ٱلْمَفَرُّ } * { كَلاَّ لاَ وَزَرَ } * { إِلَىٰ رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ ٱلْمُسْتَقَرُّ } * { يُنَبَّأُ ٱلإِنسَانُ يَوْمَئِذٍ بِمَا قَدَّمَ وَأَخَّرَ } * { بَلِ ٱلإِنسَانُ عَلَىٰ نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ } * { وَلَوْ أَلْقَىٰ مَعَاذِيرَهُ } * { لاَ تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ } * { إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ } * { فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَٱتَّبِعْ قُرْآنَهُ } * { ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ } * { كَلاَّ بَلْ تُحِبُّونَ ٱلْعَاجِلَةَ } * { وَتَذَرُونَ ٱلآخِرَةَ } * { وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَّاضِرَةٌ } * { إِلَىٰ رَبِّهَا نَاظِرَةٌ } * { وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ بَاسِرَةٌ } * { تَظُنُّ أَن يُفْعَلَ بِهَا فَاقِرَةٌ } * { كَلاَّ إِذَا بَلَغَتِ ٱلتَّرَاقِيَ } * { وَقِيلَ مَنْ رَاقٍ } * { وَظَنَّ أَنَّهُ ٱلْفِرَاقُ } * { وَٱلْتَفَّتِ ٱلسَّاقُ بِٱلسَّاقِ } * { إِلَىٰ رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ ٱلْمَسَاقُ } * { فَلاَ صَدَّقَ وَلاَ صَلَّىٰ } * { وَلَـٰكِن كَذَّبَ وَتَوَلَّىٰ } * { ثُمَّ ذَهَبَ إِلَىٰ أَهْلِهِ يَتَمَطَّىٰ } * { أَوْلَىٰ لَكَ فَأَوْلَىٰ } * { ثُمَّ أَوْلَىٰ لَكَ فَأَوْلَىٰ } * { أَيَحْسَبُ ٱلإِنسَانُ أَن يُتْرَكَ سُدًى } * { أَلَمْ يَكُ نُطْفَةً مِّن مَّنِيٍّ يُمْنَىٰ } * { ثُمَّ كَانَ عَلَقَةً فَخَلَقَ فَسَوَّىٰ } * { فَجَعَلَ مِنْهُ ٱلزَّوْجَيْنِ ٱلذَّكَرَ وَٱلأُنثَىٰ } * { أَلَيْسَ ذَلِكَ بِقَادِرٍ عَلَىٰ أَن يُحْيِـيَ ٱلْمَوْتَىٰ }

تقدّم الكلام في { لا أقسم }. والخلاف في لا، والخلاف في قراءاتها في أواخر الواقعة. أقسم تعالى بيوم القيامة لعظمه وهوله. و { لا أقسم } ، قيل: لا نافية، نفى أن يقسم بالنفس اللوّامة وأقسم بيوم القيامة، نص على هذا الحسن؛ والجمهور: على أن الله أقسم بالأمرين. واللوّامة، قال الحسن: هي التي تلوم صاحبها في ترك الطاعة ونحوها، فهي على هذا ممدوحة، ولذلك أقسم الله بها. وروي نحوه عن ابن عباس وعن مجاهد، تلوم على ما فات وتندم على الشر لم فعلته، وعلى الخير لم لم تستكثر منه. وقيل: النفس المتقية التي تلوم النفوس في يوم القيامة على تقصيرهنّ في التقوى. وقال ابن عباس وقتادة: هي الفاجرة الخشعة اللوّامة لصاحبها على ما فاته من سعي الدنيا وأعراضها، فهي على هذا ذميمة، ويحسن نفي القسم بها. والنفس اللوّامة: اسم جنس بهذا الوصف. وقيل: هي نفس معينة، وهي نفس آدم عليه السلام، لم تزل لائمة له على فعله الذي أخرجه من الجنة. قال ابن عطية: وكل نفس متوسطة ليست بمطمئنة ولا أمّارة بالسوء فإنها لوّامة في الطرفين، مرّة تلوم على ترك الطاعة، ومرّة تلوم على فوت ما تشتهي، فإذا اطمأنت خلصت وصفت. انتهى. والمناسبة بين القسمين من حيث أحوال النفس من سعادتها وشقاوتها وظهور ذلك في يوم القيامة، وجواب القسم محذوف يدل عليه يوم القيامة المقسم به وما بعده من قوله: { أيحسب } الآية، وتقديره لتبعثن. وقال الزمخشري: فإن قلت: قوله تعالى:فلا وربك لا يؤمنون } [النساء: 65] والأبيات التي أنشدتها المقسم عليه فيها منفي، وكان قد أنشد قول امرىء القيس:
لا وأبيك ابنة العامري   لا يدعي القوم إني أفرّ
وقول غوية بن سلمى:
ألا نادت أمامة باحتمالي   لتحزنني فلا بك ما أبالي
قال: فهلا زعمت أن لا التي للقسم زيدت موطئة للنفي بعده ومؤكدة له، وقدرت المقسم عليه المحذوف ههنا منفياً، نحو قولك: { لا أقسم بيوم القيامة } ، لا تتركون سدى؟ قلت: لو قصروا الأمر على النفي دون الإثبات لكان لهذا القول مساغ، ولكنه لم يقسم. ألا ترى كيف لقيلا أقسم بهذا البلد } [البلد: 1] بقوله:لقد خلقنا الإنسان في كبد } [البلد: 4] وكذلكفلا أقسم بمواقع النجوم } [الواقعة: 75]،إنه لقرآن كريم } [الواقعة: 77] ثم قال الزمخشري: وجواب القسم ما دل عليه قوله: { أيحسب الإنسان أن لن نجمع عظامه } ، وهو لتبعثن. انتهى، وهو تقدير النحاس. وقول من قال جواب القسم هو: { أيحسب الإنسان }. وما روي عن الحسن أن الجواب: { بلى قـادرين } ، وما قيل أن لا في القسمين لنفيهما، أي لا أقسم على شيء، وأن التقدير: أسألك أيحسب الإنسان؟ أقوال لا تصلح أن يرد بها، بل تطرح ولا يسود بها الورق، ولولا أنهم سردوها في الكتب لم أنبه عليها.

السابقالتالي
2 3 4 5 6 7 8 9 10