الرئيسية - التفاسير


* تفسير البحر المحيط/ ابو حيان (ت 754 هـ) مصنف و مدقق


{ وَأَلَّوِ ٱسْتَقَامُواْ عَلَى ٱلطَّرِيقَةِ لأَسْقَيْنَاهُم مَّآءً غَدَقاً } * { لِّنَفْتِنَهُمْ فِيهِ وَمَن يُعْرِضْ عَن ذِكْرِ رَبِّهِ يَسْلُكْهُ عَذَاباً صَعَداً } * { وَأَنَّ ٱلْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلاَ تَدْعُواْ مَعَ ٱللَّهِ أَحَداً } * { وَأَنَّهُ لَمَّا قَامَ عَبْدُ ٱللَّهِ يَدْعُوهُ كَادُواْ يَكُونُونَ عَلَيْهِ لِبَداً } * { قُلْ إِنَّمَآ أَدْعُواْ رَبِّي وَلاَ أُشْرِكُ بِهِ أَحَداً } * { قُلْ إِنِّي لاَ أَمْلِكُ لَكُمْ ضَرّاً وَلاَ رَشَداً } * { قُلْ إِنِّي لَن يُجِيرَنِي مِنَ ٱللَّهِ أَحَدٌ وَلَنْ أَجِدَ مِن دُونِهِ مُلْتَحَداً } * { إِلاَّ بَلاَغاً مِّنَ ٱللَّهِ وَرِسَالاَتِهِ وَمَن يَعْصِ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَآ أَبَداً } * { حَتَّىٰ إِذَا رَأَوْاْ مَا يُوعَدُونَ فَسَيَعْلَمُونَ مَنْ أَضْعَفُ نَاصِراً وَأَقَلُّ عَدَداً } * { قُلْ إِنْ أَدْرِيۤ أَقَرِيبٌ مَّا تُوعَدُونَ أَمْ يَجْعَلُ لَهُ رَبِّيۤ أَمَداً } * { عَٰلِمُ ٱلْغَيْبِ فَلاَ يُظْهِرُ عَلَىٰ غَيْبِهِ أَحَداً } * { إِلاَّ مَنِ ٱرْتَضَىٰ مِن رَّسُولٍ فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ رَصَداً } * { لِّيَعْلَمَ أَن قَدْ أَبْلَغُواْ رِسَالاَتِ رَبِّهِمْ وَأَحَاطَ بِمَا لَدَيْهِمْ وَأَحْصَىٰ كُلَّ شَيْءٍ عَدَداً }

هذا من جملة الموحى المندرج تحت { أوحى إليّ } ، وأن مخففة من الثقيلة، والضمير في { استقاموا } ، قال الضحاك والربيع بن أنس وزيد بن أسلم وأبو مجلز: هو عائد على قوله: { فمن أسلم } ، والطريقة: طريقة الكفر، أي لو كفر من أسلم من الناس { لأسقيناهم } إملاء لهم واستدراجاً واستعارة، الاستقامة للكفر قلقة لا تناسب. وقال ابن عباس ومجاهد وقتادة وابن جبير: هو عائد على القاسطين، والمعنى على الطريقة الإسلام والحق، لأنعمنا عليهم، نحو قوله:ولو أن أهل الكتاب آمنوا واتقوا } [المائدة: 65] وقيل: الضمير في استقاموا عائد على الخلق كلهم، وأن هي المخففة من الثقيلة. { لأسقيناهم ماء غدقاً }: كناية عن توسعة الرزق لأنه أصل المعاش. وقال بعضهم: المال حيث الماء. وقرأ الجمهور: { غدقاً } بفتح الدال؛ وعاصم في رواية الأعشى: بكسرها؛ ويقال: غدقت العين تغدق غدقاً فهي غدقة، إذا كثر ماؤها. { لنفتنهم }: أي لنختبرهم كيف يشكرون ما أنعم عليهم به، أو لنمتحنهم ونستدرجهم، وذلك على الخلاف في من يعود عليه الضمير في { استقاموا }. وقرأ الأعمش وابن وثاب بضم واو لو؛ والجمهور: بكسرها. وقرأ الكوفيون: { يسلكه } بالياء؛ وباقي السبعة: بالنون؛ وابن جندب: بالنون من أسلك؛ وبعض التابعين: بالياء من أسلك أيضاً، وهما لغتان: سلك وأسلك، قال الشاعر:
حتـى إذا أسلكوهـم فـي قبائـدة   
وقرأ الجمهور: { صعداً } بفتحتين، وذو مصدر صعد وصف به العذاب، أي يعلو المعذب ويغلبه، وفسر بشاق. يقال: فلان في صعد من أمره، أي في مشقة. وقال عمر: ما يتصعد بي شيء كما يتصعد في خطبة النكاح، أي ما يشق عليّ. وقال أبو سعيد الخدري وابن عباس: صعد: جبل في النار. وقال الخدري: كلما وضعوا أيديهم عليه ذابت. وقال عكرمة: هو صخرة ملساء في جهنم يكلف صعودها، فإذا انتهى إلى أعلاها حدر إلى جهنم، فعلى هذا يجوز أن يكون بدلاً من عذاب على حذف مضاف، أي عذاب صعد. ويجوز أن يكون صعداً مفعول يسلكه، وعذاباً مفعول من أجله. وقرأ قوم: صعداً بضمتين؛ وابن عباس والحسن: بضم الصاد وفتح العين. قال الحسن: معناه لا راحة فيه.

وقرأ الجمهور: { وأن المساجد } ، بفتح الهمزة عطفاً على { أنه استمع } ، فهو من جملة الموحى. وقال الخليل: معنى الآية: { وأن المساجد لله فلا تدعوا }: أي لهذا السبب، وكذلك عندهلإيلاف قريش } [قريش: 1]،فليعبدوا } [قريش: 3] وكذلكوأن هذه أمتكم } [المؤمنون: 52] أي ولأن هذه. وقرأ ابن هرمز وطلحة: وإن المساجد، بكسرها على الاستئناف وعلى تقدير الخليل، فالمعنى: فلا تدعوا مع الله أحداً في المساجد لأنها لله خاصة ولعبادته، والظاهر أن المساجد هي البيوت المعدة للصلاة والعبادة في كل ملة. وقال الحسن: كل موضع سجد فيه فهو مسجد، كان مخصوصاً لذلك أو لم يكن، لأن الأرض كلها مسجد هذه الأمة.

السابقالتالي
2 3 4 5 6 7 8