الرئيسية - التفاسير


* تفسير البحر المحيط/ ابو حيان (ت 754 هـ) مصنف و مدقق


{ هُوَ ٱلَّذِي خَلَقَكُمْ مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا فَلَماَّ تَغَشَّاهَا حَمَلَتْ حَمْلاً خَفِيفاً فَمَرَّتْ بِهِ فَلَمَّآ أَثْقَلَتْ دَّعَوَا ٱللَّهَ رَبَّهُمَا لَئِنْ آتَيْتَنَا صَالِحاً لَّنَكُونَنَّ مِنَ ٱلشَّاكِرِينَ } * { فَلَمَّآ آتَاهُمَا صَالِحاً جَعَلاَ لَهُ شُرَكَآءَ فِيمَآ آتَاهُمَا فَتَعَالَى ٱللَّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ } * { أَيُشْرِكُونَ مَا لاَ يَخْلُقُ شَيْئاً وَهُمْ يُخْلَقُونَ } * { وَلاَ يَسْتَطِيعُونَ لَهُمْ نَصْراً وَلآ أَنْفُسَهُمْ يَنصُرُونَ } * { وَإِن تَدْعُوهُمْ إِلَى ٱلْهُدَىٰ لاَ يَتَّبِعُوكُمْ سَوَآءٌ عَلَيْكُمْ أَدَعَوْتُمُوهُمْ أَمْ أَنْتُمْ صَٰمِتُونَ } * { إِنَّ ٱلَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ عِبَادٌ أَمْثَالُكُمْ فَٱدْعُوهُمْ فَلْيَسْتَجِيبُواْ لَكُمْ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ } * { أَلَهُمْ أَرْجُلٌ يَمْشُونَ بِهَآ أَمْ لَهُمْ أَيْدٍ يَبْطِشُونَ بِهَآ أَمْ لَهُمْ أَعْيُنٌ يُبْصِرُونَ بِهَآ أَمْ لَهُمْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا قُلِ ٱدْعُواْ شُرَكَآءَكُمْ ثُمَّ كِيدُونِ فَلاَ تُنظِرُونِ } * { إِنَّ وَلِيِّـيَ ٱللَّهُ ٱلَّذِي نَزَّلَ ٱلْكِتَابَ وَهُوَ يَتَوَلَّى ٱلصَّالِحِينَ } * { وَٱلَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِهِ لاَ يَسْتَطِيعُونَ نَصْرَكُمْ وَلاۤ أَنْفُسَهُمْ يَنْصُرُونَ } * { وَإِن تَدْعُوهُمْ إِلَى ٱلْهُدَىٰ لاَ يَسْمَعُواْ وَتَرَٰهُمْ يَنظُرُونَ إِلَيْكَ وَهُمْ لاَ يُبْصِرُونَ } * { خُذِ ٱلْعَفْوَ وَأْمُرْ بِٱلْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ ٱلْجَاهِلِينَ } * { وَإِمَّا يَنزَغَنَّكَ مِنَ ٱلشَّيْطَٰنِ نَزْغٌ فَٱسْتَعِذْ بِٱللَّهِ إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ } * { إِنَّ ٱلَّذِينَ ٱتَّقَواْ إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِّنَ ٱلشَّيْطَانِ تَذَكَّرُواْ فَإِذَا هُم مُّبْصِرُونَ } * { وَإِخْوَانُهُمْ يَمُدُّونَهُمْ فِي ٱلْغَيِّ ثُمَّ لاَ يُقْصِرُونَ } * { وَإِذَا لَمْ تَأْتِهِمْ بِآيَةٍ قَالُواْ لَوْلاَ ٱجْتَبَيْتَهَا قُلْ إِنَّمَآ أَتَّبِعُ مَا يِوحَىٰ إِلَيَّ مِن رَّبِّي هَـٰذَا بَصَآئِرُ مِن رَّبِّكُمْ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ } * { وَإِذَا قُرِىءَ ٱلْقُرْآنُ فَٱسْتَمِعُواْ لَهُ وَأَنصِتُواْ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ } * { وَٱذْكُر رَّبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعاً وَخِيفَةً وَدُونَ ٱلْجَهْرِ مِنَ ٱلْقَوْلِ بِٱلْغُدُوِّ وَٱلآصَالِ وَلاَ تَكُنْ مِّنَ ٱلْغَافِلِينَ } * { إِنَّ ٱلَّذِينَ عِندَ رَبِّكَ لاَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ وَيُسَبِّحُونَهُ وَلَهُ يَسْجُدُونَ }

صمت يصمت بضم الميم صمتاً وصماتاً سكت وإصمت فلاة معروفة وهي مسماة بفعل الأمر قطعت همزته إذ ذاك قاعدة في تسمية بفعل فيه همزة وصل وكسرت الميم لأن التغيير يأنس بالتغيير ولئلا يدخل في وزن ليس في الأسماء. البطش الأخذ بقوة بطش يبطش بضم الطاء وكسرها، النزع أدنى حركة ومن الشيطان أدنى وسوسة قاله الزجاج، وقال ابن عطية: حركة فيها فساد وقلما تستعمل إلا في فعل الشيطان لأن حركاته مسرعة مفسدة، وقيل هو لغة الإصابة تعرض عند الغضب، وقال الفرّاء: الإغراء والإغضاب الإنصات، قال الفراء: هو السكوت للاستماع يقال: نصت وأنصت وانتصت بمعنى واحد وقد ورد الإنصات متعدياً في شعر الكميت قال:
أبوك الذي أجدى عليه بنصره   فأنصت عني بعده كل قائل
قال: يريد فأسكت عني. الآصال جمع أصل وهو العشي كعنق وأعناق أو جمع أصيل كيمين وأيمان ولا حاجة لدعوى أنه جمع جمع كما ذهب إليه بعضهم إذ ثبت أن أصلاً مفرد وأن كان يجوز جمع أصيل على أصل فيكون جمعاً ككثيب وكثب، ومن ذهب إلى أن آصالاً جمع أصل ومفرد أصل أصيل الفرّاء ويقال: جئناهم موصلين أي عند الأصيل.

{ هو الذي خلقكم من نفس واحدة وجعل منها زوجها ليسكن إليها }. مناسبة هذه الآية لما قبلها أنه لما تقدم سؤال الكفار عن الساعة ووقتها وكان فيهم من لا يؤمن بالبعث ذكر ابتداء خلق الإنسان وإنشائه تنبيهاً على أن الإعادة ممكنة، كما أن الإنشاء كان ممكناً وإذا كان إبرازه من العدم الصرف إلى الوجود واقعاً بالفعل وإعادته أحرى أن تكون واقعة بالفعل، وقيل: وجه المناسبة أنه لما بين الذين يلحدون في أسمائه ويشتقون منها أسماء لآلهتهم وأصنامهم وأمر بالنظر والاستدلال المؤدي إلى تفرده بالإلهية والربوبية بين هنا أن أصل الشرك من إبليس لآدم وزوجته حين تمنيا الولد الصالح وأجاب الله دعاءهما فأدخل إبليس عليهما الشرك بقوله سمياه عبد الحرث فإنه لا يموت ففعلا ذلك، وقال أبو عبد الله الرازي ما ملخصه لما أمر بالنظر في الملكوت الدال على الوحدانية وقسم خلقه إلى مؤمن وكافر ونفى قدرة أحد من خلقه على نفع نفسه أو ضرّها رجع إلى تقرير التوحيد انتهى، والجمهور على أن المراد بقوله { من نفس واحدة } آدم عليه السلام فالخطاب بخلقكم عام والمعنى أنكم تفرعتم من آدم عليه السلام وأن معنى وجعل منها زوجها هي حواء و { منها } إما من جسم آدم من ضلع من أضلاعه وإما أن يكون من جنسها كما قال تعالىجعل لكم من أنفسكم أزواجاً } [النحل: 72] وقد مرّ هذان القولان في أول النساء مشروحين بأكثر من هذا ويكون الإخبار بعد هذه الجملة عن آدم وحواء ويأتي تفسيره إن شاء الله تعالى، وعلى هذا القول فسّر الزمخشري الآية وقد رد هذا القول أبو عبد الله الرازي وأفسده من وجوه.

السابقالتالي
2 3 4 5 6 7 8 9 10  مزيد