الرئيسية - التفاسير


* تفسير البحر المحيط/ ابو حيان (ت 754 هـ) مصنف و مدقق


{ سَنَفْرُغُ لَكُمْ أَيُّهَ ٱلثَّقَلاَنِ } * { فَبِأَيِّ آلاۤءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ } * { يٰمَعْشَرَ ٱلْجِنِّ وَٱلإِنسِ إِنِ ٱسْتَطَعْتُمْ أَن تَنفُذُواْ مِنْ أَقْطَارِ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ فَٱنفُذُواْ لاَ تَنفُذُونَ إِلاَّ بِسُلْطَانٍ } * { فَبِأَيِّ آلاۤءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ } * { يُرْسَلُ عَلَيْكُمَا شُوَاظٌ مِّن نَّارٍ وَنُحَاسٌ فَلاَ تَنتَصِرَانِ } * { فَبِأَيِّ آلاۤءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ } * { فَإِذَا ٱنشَقَّتِ ٱلسَّمَآءُ فَكَانَتْ وَرْدَةً كَٱلدِّهَانِ } * { فَبِأَيِّ آلاۤءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ } * { فَيَوْمَئِذٍ لاَّ يُسْأَلُ عَن ذَنبِهِ إِنسٌ وَلاَ جَآنٌّ } * { فَبِأَيِّ آلاۤءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ } * { يُعْرَفُ ٱلْمُجْرِمُونَ بِسِيمَاهُمْ فَيُؤْخَذُ بِٱلنَّوَاصِي وَٱلأَقْدَامِ } * { فَبِأَيِّ آلاۤءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ } * { هَـٰذِهِ جَهَنَّمُ ٱلَّتِي يُكَذِّبُ بِهَا ٱلْمُجْرِمُونَ } * { يَطُوفُونَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ حَمِيمٍ آنٍ } * { فَبِأَيِّ آلاۤءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ } * { وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ } * { فَبِأَيِّ آلاۤءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ } * { ذَوَاتَآ أَفْنَانٍ } * { فَبِأَيِّ آلاۤءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ } * { فِيهِمَا عَيْنَانِ تَجْرِيَانِ } * { فَبِأَيِّ آلاۤءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ } * { فِيهِمَا مِن كُلِّ فَاكِهَةٍ زَوْجَانِ } * { فَبِأَيِّ آلاۤءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ } * { مُتَّكِئِينَ عَلَى فُرُشٍ بَطَآئِنُهَا مِنْ إِسْتَبْرَقٍ وَجَنَى ٱلْجَنَّتَيْنِ دَانٍ } * { فَبِأَيِّ آلاۤءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ } * { فِيهِنَّ قَاصِرَاتُ ٱلطَّرْفِ لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنسٌ قَبْلَهُمْ وَلاَ جَآنٌّ } * { فَبِأَيِّ آلاۤءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ } * { كَأَنَّهُنَّ ٱلْيَاقُوتُ وَٱلْمَرْجَانُ } * { فَبِأَيِّ آلاۤءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ }

لما ذكر تعالى ما أنعم به من تعليم العلم وخلق الإنسان والسماء والأرض وما أودع فيهما وفناء ما على الأرض، ذكر ما يتعلق بأحوال الآخرة الجزاء وقال: { سنفرغ لكم }: أي ننظر في أموركم يوم القيامة، لا أنه تعالى كان له شغل فيفرغ منه. وجرى على هذا كلام العرب في أن المعنى: سيقصد لحسابكم، فهو استعارة من قول الرجل لمن يتهدده: سأفرغ لك، أي سأتجرد للإيقاع بك من كل ما شغلني عنه حتى لا يكون لي شغل سواه، والمراد التوفر على الانتقام منه. قال ابن عطية: ويحتمل أن يكون التوعد بعذاب في الدنيا، والأول أبين. انتهى، يعني: أن يكون ذلك يوم القيامة. وقال الزمخشري: ويجوز أن يراد ستنتهي الدنيا ويبلغ آخرها، وتنتهي عند ذلك شؤون الخلق التي أرادها بقوله: { كل يوم هو في شأن } ، فلا يبقى إلا شأن واحد وهو جزاؤكم، فجعل ذلك فراغاً لهم على طريق المثل. انتهى. والذي عليه أئمة اللغة أن فرغ تستعمل عند انقضاء الشغل الذي كان الإنسان مشتغلاً به، فلذلك احتاج قوله إلى التأويل على أنه قد قد قيل: إن فرغ يكون بمعنى قصد واهتم، واستدل على ذلك بما أنشده ابن الأنباري لجرير:
الآن وقد فرغت إلى نمير   فهذا حين كنت لهم عذابا
أي: قصدت. وأنشد النحاس:
فـرغـت إلـى العبـد المقيـد فـي الحجـل   
وفي الحديث: " فرغ ربك من أربع " ، وفيه: " لأتفرغن إليك يا خبيث " ، يخاطب به رسول الله صلى الله عليه وسلم إرب العقبة يوم بيعتها: أي لأقصدن إبطال أمرك، نقل هذا عن الخليل والكسائي والفراء. وقرأ الجمهور: سنفرغ بنون العظمة وضم الراء، من فرغ بفتح الراء، وهي لغة الحجاز؛ وحمزة والكسائي وأبو حيوة وزيد بن علي: بياء الغيبة؛ وقتادة والأعرج: بالنون وفتح الراء، مضارع فرغ بكسرها، وهي تميمية؛ وأبو السمال وعيسى: بكسر النون وفتح الراء. قال أبو حاتم: هي لغة سفلى مضر؛ والأعمش وأبو حيوة بخلاف عنهما؛ وابن أبي عبلة والزعفراني: بضم الياء وفتح الراء، مبنياً للمفعول؛ وعيسى أيضاً: بفتح النون وكسر الراء؛ والأعراج أيضاً: بفتح الياء والراء، وهي رواية يونس والجعفي وعبد الوارث عن أبي عمرو. والثقلان: الإنس والجن، سميا بذلك لكونهما ثقيلين على وجه الأرض، أو لكونهما مثقلين بالذنوب، أو لثقل الإنس. وسمي الجن ثقلاً لمجاورة الإنس، والثقل: الأمر العظيم. وفي الحديث: " إني تارك فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي " ، سميا بذلك لعظمهما وشرفهما.

والظاهر أن قوله: { يا معشر } الآية من خطاب الله إياهم يوم القيامة،يوم التناد } [غافر: 32]. وقيل: يقال لهم ذلك. قال الضحاك: يفرون في أقطار الأرض لما يرون من الهول، فيجدون الملائكة قد أحاطت بالأرض، فيرجعون من حيث جاءوا، فحينئذ يقال لهم ذلك.

السابقالتالي
2 3 4 5