الرئيسية - التفاسير


* تفسير البحر المحيط/ ابو حيان (ت 754 هـ) مصنف و مدقق


{ كَذَّبَتْ قَوْمُ لُوطٍ بِٱلنُّذُرِ } * { إِنَّآ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ حَاصِباً إِلاَّ آلَ لُوطٍ نَّجَّيْنَاهُم بِسَحَرٍ } * { نِّعْمَةً مِّنْ عِندِنَا كَذَلِكَ نَجْزِي مَن شَكَرَ } * { وَلَقَدْ أَنذَرَهُمْ بَطْشَتَنَا فَتَمَارَوْاْ بِٱلنُّذُرِ } * { وَلَقَدْ رَاوَدُوهُ عَن ضَيْفِهِ فَطَمَسْنَآ أَعْيُنَهُمْ فَذُوقُواْ عَذَابِي وَنُذُرِ } * { وَلَقَدْ صَبَّحَهُم بُكْرَةً عَذَابٌ مُّسْتَقِرٌّ } * { فَذُوقُواْ عَذَابِي وَنُذُرِ } * { وَلَقَدْ يَسَّرْنَا ٱلْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِن مُدَّكِرٍ } * { وَلَقَدْ جَآءَ آلَ فِرْعَوْنَ ٱلنُّذُرُ } * { كَذَّبُواْ بِئَايَاتِنَا كُلِّهَا فَأَخَذْنَاهُمْ أَخْذَ عِزِيزٍ مُّقْتَدِرٍ } * { أَكُفَّٰرُكُمْ خَيْرٌ مِّنْ أُوْلَٰئِكُمْ أَمْ لَكُم بَرَآءَةٌ فِي ٱلزُّبُرِ } * { أَمْ يَقُولُونَ نَحْنُ جَمِيعٌ مُّنتَصِرٌ } * { سَيُهْزَمُ ٱلْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ ٱلدُّبُرَ } * { بَلِ ٱلسَّاعَةُ مَوْعِدُهُمْ وَٱلسَّاعَةُ أَدْهَىٰ وَأَمَرُّ } * { إِنَّ ٱلْمُجْرِمِينَ فِي ضَلاَلٍ وَسُعُرٍ } * { يَوْمَ يُسْحَبُونَ فِي ٱلنَّارِ عَلَىٰ وُجُوهِهِمْ ذُوقُواْ مَسَّ سَقَرَ } * { إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ } * { وَمَآ أَمْرُنَآ إِلاَّ وَاحِدَةٌ كَلَمْحٍ بِٱلْبَصَرِ } * { وَلَقَدْ أَهْلَكْنَآ أَشْيَاعَكُمْ فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ } * { وَكُلُّ شَيْءٍ فَعَلُوهُ فِي ٱلزُّبُرِ } * { وَكُلُّ صَغِيرٍ وَكَبِيرٍ مُّسْتَطَرٌ } * { إِنَّ ٱلْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَهَرٍ } * { فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِندَ مَلِيكٍ مُّقْتَدِرٍ }

تقدمت قصة لوط عليه السلام وقومه. والحاصب من الحصباء، وهو المعنيّ بقوله تعالى:وأمطرنا عليهم حجارة من سجيل } [الحجر: 74] { إلا آل لوط } ، قيل: إلا ابنتاه، و { بسحر }: هو بكرة، فلذلك صرف، وانتصب { نعمة } على أنه مفعول من أجله، أي نجيناهم لإنعامنا عليهم أو على المصدر، لأن المعنى: أنعمنا بالتنجية إنعاماً. { كذلك نجزي }: أي مثل ذلك الإنعام والتنجية نجزي { من شكر } إنعامنا وأطاع وآمن. { ولقد أنذرهم بطشتنا }: أي أخذتنا لهم بالعذاب، { فتماروا }: أي تشككوا وتعاطوا ذلك، { بالنذر }: أي بالإنذار، أو يكون جمع نذير. { فطمسنا } ، قال قتادة: الطمس حقيقة جر جبريل عليه السلام على أعينهم جناحه، فاستوت مع وجوههم. وقال أبو عبيدة: مطموسة بجلد كالوجه. قيل: لما صفقهم جبريل عليه السلام بجناحه، تركهم يترددون لا يهتدون إلى الباب، حتى أخرجهم لوط عليه السلام. وقال ابن عباس والضحاك: هذه استعارة، وإنما حجب إدراكهم، فدخلوا المنزل ولم يروا شيئاً، فجعل ذلك كالطمس. وقرأ الجمهور: فطمسنا بتخفيف الميم؛ وابن مقسم: بتشديدها. { فذوقوا }: أي فقلت لهم على ألسنة الملائكة: ذوقوا.

{ ولقد صبحهم بكرة }: أي أول النهار وباكره، لقوله:مشرقين } [الحجر: 73 ، الشعراء: 60] ومصبحين } [الحجر: 66 ، الصافات: 137 ، القلم: 17] وقرأ الجمهور: بكرة بالتنوين، أراد بكرة من البكر، فصرف. وقرأ زيد بن علي: بغير تنوين. { عذاب مستقر }: أي لم يكشفه عنهم كاشف، بل اتصل بموتهم، ثم بما بعد ذلك من عذاب القبر، ثم عذاب جهنم. { فذوقوا عذابي ونذر }: توكيد وتوبيخ ذلك عند الطمس، وهذا عند تصبيح العذاب. قيل: وفائدة تكرار هذا، وتكرار { ولقد يسرنا } ، التجرد عند استماع كل نبأ من أنباء الأولين، للاتعاظ واستئناف التيقظ إذا سمعوا الحث على ذلك لئلا تستولي عليهم الغفلة، وهكذا حكم التكرير لقوله:فبأي آلاء ربكما تكذبان } [الرحمن: 55] عند كل نعمة عدها في سورة الرحمن. وقوله:ويل يومئذ للمكذبين } [المرسلات: 15] عند كل آية أوردها في سورة المرسلات، وكذلك تكرير القصص في أنفسها، لتكون العبرة حاضرة للقلوب، مذكورة في كل أوان.

{ ولقد جاء آل فرعون النذر }: هم موسى وهارون وغيرهما من الأنبياء، لأنهما عرضا عليهم ما أنذر به المرسلون، أو يكون جمع نذير المصدر بمعنى الإنذار. { كذبوا بـآياتنا } هي التسع، والتوكيد هنا كهو في قوله:ولقد أريناه آياتنا كلها } [طه: 56] والظاهر أن الضمير في: { كذبوا } ، وفي: { فأخذناهم } عائد على آل فرعون. وقيل: هو عائد على جميع من تقدم من الأمم ذكره، وتم الكلام عند قوله: { النذر }. { فأخذناهم أخذ عزيز }: لا يغالب، { مقتدر }: لا يعجز شيء. { أكفـاركم }: خطاب لأهل مكة، { خير من أولئكم }: الإشارة إلى قوم نوح وهود وصالح ولوط، وإلى فرعون، والمعنى: أهم خير في القوّة وآلات الحروب والمكانة في الدنيا، أو أقل كفؤاً وعناداً؟ فلأجل كونهم خيراً لا يعاقبون على الكفر بالله، وقفهم على توبيخهم، أي ليس كفاركم خيراً من أولئكم، بل هم مثلهم أو شرّ منهم، وقد علمتم ما لحق أولئك من الهلاك المستأصل لما كذبوا الرسل.

السابقالتالي
2 3 4