الرئيسية - التفاسير


* تفسير البحر المحيط/ ابو حيان (ت 754 هـ) مصنف و مدقق


{ أَفَرَأَيْتَ ٱلَّذِي تَوَلَّىٰ } * { وَأَعْطَىٰ قَلِيلاً وَأَكْدَىٰ } * { أَعِندَهُ عِلْمُ ٱلْغَيْبِ فَهُوَ يَرَىٰ } * { أَمْ لَمْ يُنَبَّأْ بِمَا فِي صُحُفِ مُوسَىٰ } * { وَإِبْرَاهِيمَ ٱلَّذِي وَفَّىٰ } * { أَلاَّ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَىٰ } * { وَأَن لَّيْسَ لِلإِنسَانِ إِلاَّ مَا سَعَىٰ } * { وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرَىٰ } * { ثُمَّ يُجْزَاهُ ٱلْجَزَآءَ ٱلأَوْفَىٰ } * { وَأَنَّ إِلَىٰ رَبِّكَ ٱلْمُنتَهَىٰ } * { وَأَنَّهُ هُوَ أَضْحَكَ وَأَبْكَىٰ } * { وَأَنَّهُ هُوَ أَمَاتَ وَأَحْيَا } * { وَأَنَّهُ خَلَقَ ٱلزَّوْجَيْنِ ٱلذَّكَرَ وَٱلأُنثَىٰ } * { مِن نُّطْفَةٍ إِذَا تُمْنَىٰ } * { وَأَنَّ عَلَيْهِ ٱلنَّشْأَةَ ٱلأُخْرَىٰ } * { وَأَنَّهُ هُوَ أَغْنَىٰ وَأَقْنَىٰ } * { وَأَنَّهُ هُوَ رَبُّ ٱلشِّعْرَىٰ } * { وَأَنَّهُ أَهْلَكَ عَاداً ٱلأُولَىٰ } * { وَثَمُودَ فَمَآ أَبْقَىٰ } * { وَقَوْمَ نُوحٍ مِّن قَبْلُ إِنَّهُمْ كَانُواْ هُمْ أَظْلَمَ وَأَطْغَىٰ } * { وَٱلْمُؤْتَفِكَةَ أَهْوَىٰ } * { فَغَشَّاهَا مَا غَشَّىٰ } * { فَبِأَيِّ آلاۤءِ رَبِّكَ تَتَمَارَىٰ } * { هَـٰذَا نَذِيرٌ مِّنَ ٱلنُّذُرِ ٱلأُوْلَىٰ } * { أَزِفَتِ ٱلآزِفَةُ } * { لَيْسَ لَهَا مِن دُونِ ٱللَّهِ كَاشِفَةٌ } * { أَفَمِنْ هَـٰذَا ٱلْحَدِيثِ تَعْجَبُونَ } * { وَتَضْحَكُونَ وَلاَ تَبْكُونَ } * { وَأَنتُمْ سَامِدُونَ } * { فَٱسْجُدُواْ لِلَّهِ وَٱعْبُدُواْ }

{ أفرأيت } الآية، قال مجاهد وابن زيد ومقاتل: نزلت في الوليد بن المغيرة، كان قد سمع قراءة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وجلس إليه ووعظه، فقرب من الإسلام، وطمع فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم. ثم إنه عاتبة رجل من المشركين، فقال له: أتترك ملة آبائك؟ ارجع إلى دينك واثبت عليه، وأنا أتحمل لك بكل شيء تخافه في الآخرة، لكن على أن تعطيني كذا وكذا من المال. فوافقه الوليد على ذلك، ورجع عن ما هم به من الإسلام، وضل ضلالاً بعيداً، وأعطى بعض ذلك المال لذلك الرجل، ثم أمسك عنه وشح. وقال الضحاك: هو النضر بن الحارث، أعطى خمس فلايس لفقير من المهاجرين حتى ارتد عن دينه، وضمن له أن يحمل عنه مآثم رجوعه. وقال السدي: نزلت في العاصي بن وائل السهمي، كان ربما يوافق النبي صلى الله عليه وسلم في بعض الأمور. وقال محمد بن كعب: في أبي جهل بن هشام، قال: والله ما يأمر محمد إلا بمكارم الأخلاق. وروي عن ابن عباس والسدي أنها نزلت في عثمان بن عفان، رضي الله تعالى عنه؛ كان يتصدق، فقال له أخوه من الرضاعة عبد الله بن سعد بن أبي سرح نحواً من كلام القائل للوليد بن المغيرة الذي بدأنا به. وذكر القصة بتمامها الزمخشري، ولم يذكر في سبب النزول غيرها. قال ابن عطية: وذلك كله عندي باطل، وعثمان رضي الله عنه منزه عن مثله. انتهى.

وأفرأيت هنا بمعنى: أخبرني، ومفعولها الأول الموصول، والثاني الجملة الاستفهامية، وهي: { أعنده علم الغيب }. و { تولى }: أي أعرض عن الإسلام. وقال الزمخشري: { تولى }: ترك المركز يوم أحد. انتهى. لما جعل الآية نزلت في عثمان، فسر التولي بهذا. وإذا ذكر التولي غير مقيد في القرآن، فأكثر استعماله أنه استعارة عن عدم الدخول في الإيمان. { وأعطى قليلاً وأكدى } ، قال ابن عباس: أطاع قليلاً ثم عصى. وقال مجاهد: أعطى قليلاً من نفسه بالاستماع، ثم أكدى بالانقطاع. وقال الضحاك: أعطى قليلاً من ماله ثم منع. وقال مقاتل: أعطى قليلاً من الخير بلسانه ثم قطع. { أعنده علم الغيب }: أي أعلم من الغيب أن من تحمل ذنوب آخر، فإنه المتحمل عنه ينتفع بذلك، فهو لهذا الذي علمه يرى الحق وله فيه بصيره، أم هو جاهل؟ وقال الزمخشري: { فهو يرى }: فهو يعلم أن ما قاله أخوه من احتمال أوزاره حق. وقيل: يعلم حاله في الآخرة. وقال الزجاج: يرى رفع مأثمه في الآخرة. وقيل: فهو يرى أن ما سمعه من القرآن باطل. وقال الكلبي: أنزل عليه قرآن، فرأى ما منعه حق. وقيل: { فهو يرى }: أي الأجزاء، واحتمل يرى أن تكون بصرية، أي فهو يبصر ما خفي عن غيره مما هو غيب، واحتمل أن يكون بمعنى يعلم، أي فهو يعلم الغيب مثل الشهادة.

السابقالتالي
2 3 4 5 6 7